جبل شامخ يرحل
الأربعاء / 23 / ربيع الثاني / 1447 هـ - 01:20 - الأربعاء 15 أكتوبر 2025 01:20
خص الله أناسا واختارهم أعلاما بين قرنائهم أحياء، وما إن رحلوا إلا وقد تركوا بصمات لهم بينة، ما إن يراها أو يلمسها محب لهم إلا ويكبرهم ويلهج بالدعاء لهم ويطلب من المولى عزوجل لهم الرحمات والغفران، وأن يعوض ذويهم وأقاربهم وأصدقاءهم خيرا.وأحد هؤلاء المختارين أستاذي الجليل صاحب المعالي الأستاذ الدكتور عبدالله عمر نصيف الذي وافته المنية صباح يوم الأحد الموافق العشرين من ربيع الآخر عام 1447هـ. وهو من رجال المملكة المعدودين ينحدر من عائلة كريمة. وأول معرفتي به كانت عندما عينت في جامعة الملك عبدالعزيز مهندسا، وكان رحمه الله أمينا عاما للجامعة، فكم كنت محظوظا عندما عملت عن كثب مع رجل خلوق حيي كريم متواضع، ولو لم يتعلم من عمل معه إلا هذه الأخلاق الرفيعة لكفاه.كان يأتي إلى مكتبه مبكرا يحتسي مع بعض موظفي الجامعة القهوة السعودية مع بضع تمرات قبل أن يشرع في عمله. كان يشعرني وأنا أعمل معه أنني ابنه فيفرض علي أن أبره وأحترمه، كابن بار بوالد محب عطوف على أولاده وكأستاذ مخلص ومرب فاضل.سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال الدراسة وكنت أتتبع أخباره من الزملاء في الجامعة، فعلمت أنه كلف بوكالة الجامعة ففرحت لذلك الخبر وسررت به لخبراته المتنوعة في الجامعة، وكان وقتئذ أستاذي معالي الأستاذ الدكتور الخبير الاقتصادي محمد عمر زبير رحمه الله مديرا للجامعة.ثم عين بعده معالي الدكتور عبدالله مديرا للجامعة فزادني هذا الخبر غبطة وسرورا. ثم كلفته الدولة السنية بمركز مرموق عالمي الصبغة، حيث عين أمينا عاما لرابطة العالم الإسلامي، وظل كذلك إلى أن تقاعد وتفرغ إلى الدعوة إلى الله.ومن خلال عملي معه ومن ثم عملي في الجامعة تعرفت على عدد من آل نصيف الأكارم لعل منهم سعادة الأخ الكريم الأستاذ الدكتور محمد عمر نصيف عضو مجلس الشورى وعميد كلية علوم الأرض ومعالي الابن البار الدكتور علاء عبدالله نصيف الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية بينبع، والأخ العزيز سعادة الدكتور عبدالعزيز نصيف مدير محطة تحلية المياه بجدة، وابني الفقيد سعادة الدكتور محمد وسعادة الدكتور عمر. ومن ما منح الفقيد الغالي من أخلاق عالية وصفات راقية تواضعه الجم.حدث أني كنت مرة في المسجد النبوي الشريف في ما يسمى دكة الأغوات جالسا بعد صلاة المغرب فلمحته جالسا قريبا من الشباك الشمالي للحجرة الشريفة وخشيت أن أقطع عليه ذكره فواصلت قراءتي، ولم أشعر به إلا واقفا على رأسي فعندما رأى دهشتي تبسم وقال جئت لأسلم عليك، قمة التواضع من أستاذ لطالب ومن والد لولده. فقيدنا الغالي ذكرك الجميل وسيرتك العطرة سيبقيان نبراسا مضيئا ومصباحا منيرا.رحمك الله - أبا محمد رحمة الأبرار وأسكنك فسيح الجنان وعوض أهلك وزملاءك في الجامعة وإخوتك في رابطة العالم الإسلامي خيرا - وأختم هذه المقالة بما قاله الإمام الشافعي رحمه الله:قد مات قوم وما ماتت فضائلهموعاش قوم وهم في الناس أمواتوآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. إنا لله وإنا إليه راجعون.