بكر الشدي أيقونة فنية وتوليفة إبداعية
الخميس / 17 / ربيع الثاني / 1447 هـ - 03:42 - الخميس 9 أكتوبر 2025 03:42
في مثل هذا الشهر بيوم الخامس من أكتوبر عام 2003 ذكرى وفاة الأكاديمي الفنان الدكتور بكر الشدي الذي لا يزال عالقا في ذاكرة الفن الخليجي والسعودي حاضرا كأحد أبرز رموز الدراما والثقافة؛ جمع بين العلم والفن في مزيج فريد قل أن يتكرر. لم يكن ممثلا فحسب، بل كان مفكرا، أكاديميا، وإنسانا ترك بصماته في من عايشه وعمل معه وأضاف قيمة متفردة بنت جسرا بين الجامعة والمسرح، بين الفكر والإبداع، وبين الإنسان وفنه.ولد في الأحساء عام 1959م، حيث بدأ شغفه بالفن منذ سنوات دراسته الأولى، ليظهر مبكرا نبوغه في الأداء المسرحي والإلقاء وبعد تخرجه من الثانوية العامة تابع دراسته بجامعة الملك سعود، ليحصل على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي والتي كانت بداية طريقه نحو الجمع بين الأدب والثقافة والفن.واصل مسيرته الأكاديمية حتى نال درجة الماجستير من أوهايو بأمريكا ثم الدكتوراه من جامعة درهام البريطانية في الأدب المسرحي، وبعد عودته للمملكة عمل في هيئة التدريس بجامعة الملك سعود كمحاضر للأدب والمسرح، حيث أسهم في إعداد جيل من الطلبة تأثروا بعلمه وشخصيته الإنسانية وحضوره المتزن.كان الشدي نموذجا للأكاديمي المتفتح الذي يرى في الفن وسيلة للارتقاء بالذوق العام ونشر الوعي الثقافي، فكان يحاضر في القاعة الجامعية صباحا، ويؤدي أدواره الفنية مساء بالروح العلمية والفكرية نفسها.بدأت مسيرته الفنية في المسرح الجامعي، قبل أن يبرز اسمه في الدراما التلفزيونية خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات الميلادية، وقدم مخزونا من الأعمال التي تنوعت بين الكوميديا والتراجيديا والاجتماعية، تميز الشدي بأدائه الهادئ العميق، بحضور لا يعتمد على المبالغة أو التصنع، بل على الصدق الداخلي الذي يصل للمشاهد ببساطة ودفء وإتقان، الأمر الذي جعل منه أيقونة فنية حقيقية لافتة وقدرة طاغية على الجمع بين المنهج الأكاديمي الرصين والخيال الإبداعي المتجدد.كان يرى أن الفنان الحقيقي هو المثقف أولا، وأن العمل الفني يجب أن يحمل رسالة تربوية وإنسانية، لذلك كان يختار أدواره بعناية مؤمنا بأن الفن ليس أسلوب تسلية فقط بل مرآة للمجتمع يعكس همومه ومعاناته، كما أنه أداة هادفة من شأنها التغيير والتطوير المستدام.أكمل أكثر من عقدين على رحيله وما زال اسمه خالدا فنيا كلما اقترن الأداء الصادق بالعلم والأدب والتواضع والثقافة التي ترافقها الموهبة والعطاء الراقي.جمع توليفة فنية مخضرمة وترك إرثا فنيا متنوعا أثرى من خلاله الساحة الفنية السعودية قرابة 37 مسلسلا من أبرزها «ماما نور» و»العولمة» و«البخيل وأنا» كذلك ست سهرات تلفزيونية أشهرها «أزهار من البيت القديم» و«الدكاترة سعد» بالإضافة إلى عشرة برامج قدمها للتلفزيون السعودي في مقدمتها «ليلة سعودية» وأيضا سبع مسرحيات أشهرها مسرحية «للسعوديين فقط».تم إطلاق اسم بكر الشدي على مسرح موسم الرياض في 15 أكتوبر 2019، بقرار من رئيس الهيئة العامة للترفيه، معالي المستشار تركي آل الشيخ، تقديرا لمسيرته الفنية.رحمك الله يا أبا فيصل.Yos123Omar@