مطاعم تسبب التسمم... والتعويض شبه مستحيل!
الثلاثاء / 8 / ربيع الثاني / 1447 هـ - 04:20 - الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 04:20
في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد البلاغات عن حالات تسمم غذائي بسبب مطاعم لا تلتزم بالاشتراطات الصحية، يواجه المتضررون تحديا أكبر من ألم التسمم نفسه: غياب آلية تعويض فعالة وعادلة.عشرات الأسر في مختلف مناطق المملكة تتعرض سنويا لحوادث تسمم غذائي بسبب تناول وجبات ملوثة، سواء من مطاعم شهيرة أو محلية. وبينما تتعامل الجهات الرقابية - كوزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان وهيئة الغذاء والدواء - مع هذه الحالات بفرض غرامات أو إغلاق مؤقت، فإن المتضرر الفرد أو الأسرة، لا يحصل غالبا على أي تعويض.وفقا للنظام، يحق للمتضرر رفع دعوى قضائية ضد المطعم المتسبب والمطالبة بالتعويض عن الأضرار الصحية والمادية، لكن الواقع أكثر تعقيدا. فبين الإجراءات الطويلة، وجلسات المحاكم التي قد تمتد لأشهر، وتكاليف المحاماة المرتفعة، يجد المواطن نفسه في معركة قانونية مرهقة ومكلفة.المفارقة المؤلمة أن المحكمة - حتى عند إصدار حكم بالتعويض - غالبا ما تكتفي بإلزام المطعم بدفع تكاليف العلاج فقط، دون اعتبار للضرر المعنوي أو الأيام التي خسرها المتضرر في العمل، أو حالة الهلع التي عاشتها الأسرة.هذا الخلل الإجرائي لا ينصف الضحايا فحسب، بل قد يغري بعض المنشآت بالاستهتار، طالما أن أقصى ما يمكن أن تواجهه هو غرامة إدارية بسيطة.فغياب رادع حقيقي، وعدم وجود آلية سريعة لتعويض المتضررين، يجعلان من الضحية الحلقة الأضعف في هذه المنظومة.المطلوب اليوم ليس فقط تشديد الرقابة، بل إصلاح تشريعي ينصف المستهلك.فإننا نقترح إنشاء لجنة أو جهة مختصة للنظر في قضايا التسمم الغذائي وتعويض المتضررين بشكل مباشر وسريع، دون الحاجة للدعاوى الفردية الطويلة والمكلفة.كما يمكن أن تلزم المطاعم بتوفير تأمين ضد الأضرار الصحية كما تفعل بعض الدول المتقدمة.إن حفظ صحة المستهلك لا يجب أن يتوقف عند إغلاق منشأة أو توجيه إنذار، بل يجب أن يمتد ليشمل رد الاعتبار للمتضرر وتعويضه بشكل لائق وسريع.وفي ظل رؤية السعودية 2030 التي تضع جودة الحياة وحقوق المواطن في مقدمة الأولويات، فإن معالجة هذا الملف لا تبدو رفاهية، بل ضرورة.ولتحقيق العدالة بصورة أوسع وأكثر تنظيما، يمكن أن تنشأ لجان شبه قضائية للنظر في دعاوى التسمم الغذائي وتعويض المتضررين، على غرار اللجان المعمول بها في قضايا تعويض حوادث السيارات. هذه اللجان ستوفر مسارا سريعا وفعالا للمتضرر دون الدخول في أروقة المحاكم الطويلة والمكلفة.كما يمكن، كخيار موازٍ، أن تلزم شركات التأمين بطرح منتج تأميني خاص للمطاعم ومقدمي الأطعمة ضد مخاطر التسممات الغذائية، بحيث يتم من خلاله تعويض المستهلكين المتضررين مباشرة عبر آلية منظمة، مما يحقق حماية مزدوجة: تعزيز ثقة المستهلك، وضمان التزام المنشآت الغذائية بأعلى المعايير الصحية.M0hammed_O1@