الرأي

من البيانات إلى الحركة: كيف يصنع الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء نقلة في النقل الذكي؟

وليد سعد الشهري
لم يعد النقل في القرن الحادي والعشرين مجرد وسيلة للانتقال أو نقل البضائع، بل تحول إلى منظومة ذكية تتحكم فيها البيانات وتديرها الخوارزميات. الذكاء الاصطناعي (AI) وإنترنت الأشياء (IoT) أصبحا اللاعبين الأساسيين في رسم ملامح اللوجستيات الحديثة، حيث يندمج الذكاء التحليلي مع الاتصال الفوري ليحول كل مركبة، طريق، وميناء إلى جزء من شبكة متصلة ومتفاعلة. هذا التحول يفتح آفاقا جديدة أمام المملكة العربية السعودية في سعيها لتكون مركزا عالميا للنقل والخدمات اللوجستية ضمن مستهدفات رؤية 2030.الذكاء الاصطناعي عقل النقل الجديد: في الموانئ والمطارات العالمية، لم تعد القرارات التشغيلية تتخذ بناء على التقديرات البشرية فقط، بل أصبح الذكاء الاصطناعي يحدد المسارات المثلى للشحنات، ويتنبأ بمستويات الطلب، ويكشف الأعطال قبل وقوعها.في كوريا الجنوبية مثلا، طبقت مدينة بوسان منصة PLMF التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لمحاكاة حركة الموانئ، مما أدى إلى تقليص زمن الانتظار وخفض التكاليف التشغيلية.في الولايات المتحدة، تختبر أنظمة إدارة المرور الذكية التي تمكن من إعادة توجيه الشاحنات لحظيا وفقا للازدحام أو الطوارئ.إنترنت الأشياء الأذن التي تسمع كل حركة: إنترنت الأشياء مكن من ربط الشاحنات، الحاويات، المستودعات، وحتى إشارات المرور بشبكة واحدة. المستشعرات باتت تراقب الحرارة، الرطوبة، الموقع، وحالة المعدات لحظة بلحظة، ما يعني أن أي خلل أو تأخير يرصد فورا، ويعالج قبل أن يتحول إلى أزمة. هذا الترابط يعزز الشفافية في سلاسل الإمداد، وهو مطلب رئيسي للشركات العالمية التي تبحث عن شركاء موثوقين.المملكة ورؤية 2030 من الطموح إلى التطبيق: السعودية لم تتأخر في تبني هذا التحول. فقد أطلقت وزارة النقل والخدمات اللوجستية منصة «Logisti» التي توحد مزودي الخدمات والعملاء في بيئة رقمية متكاملة. هذه المنصة لا تبسط العمليات فقط، بل ترفع كفاءة السوق، وتدعم مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية المتمثلة في جعل المملكة مركزا عالميا يربط ثلاث قارات. كما أن المشاريع الكبرى مثل نيوم، أوكسيجين، واللاندبريدج ستعتمد على هذه الحلول الرقمية لضمان كفاءة تشغيلية عالية واستدامة بيئية.الاستدامة والذكاء معا: إحدى أهم مزايا الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء هي القدرة على تقليل البصمة الكربونية. عبر تحسين المسارات وتقليل التوقفات غير الضرورية، تنخفض استهلاكات الوقود والانبعاثات. وهذا يتماشى مع مبادرة السعودية الخضراء، ويعكس التزام المملكة بدورها العالمي في مواجهة التغير المناخي.من التقنية إلى الاستراتيجية: الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء ليسا مجرد أدوات تقنية، بل رافعتان استراتيجيتان تمكنان المملكة من تحقيق نقلة نوعية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية. ومع استمرار الاستثمار في البنية الرقمية والشراكات الدولية، يتعزز موقع المملكة لتصبح قلب التجارة العالمية النابض، ومركزا يربط الشرق بالغرب بكفاءة غير مسبوقة.نستخلص مما سبق التالي:
  1. الذكاء الاصطناعي يدير التدفقات اللوجستية عالميا بكفاءة تنبؤية.
  2. إنترنت الأشياء يعزز الشفافية ويسرع الاستجابة للأعطال والتحديات.
  3. المملكة تتبنى التحول الرقمي عبر منصات مثل «Logisti».
  4. ربط التحول الرقمي برؤية 2030 يعزز التنافسية والاستدامة.
التحول الرقمي بالنقل عبر الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء ليس خيارا بل ضرورة استراتيجية لتحقيق الاستدامة والتنافسية. ومع هذا الزخم، يبقى السؤال المطروح أمام صناع القرار: هل يكفي التحول الرقمي وحده لخلق مدن أكثر ذكاء وتنقل أكثر كفاءة، أم أن المرحلة القادمة تتطلب قفزة أكبر؟وهذا ما سنناقشه في المقال القادم حول المدن الذكية تتحرك: مترو الرياض والحافلات المتكاملة نموذج لعصر جديد.EngWalid67@