الرأي

العامل بين جبروت المنشأة وتجاهل الموارد البشرية

فهيد العديم
بين فترة وأخرى تزف إلينا «السوشال ميديا» على جناح «الترند» معاناة عامل سعودي يشتكي من ظلم المؤسسة أو الشركة التي يعمل بها، وفي الغالب يتم التعامل مع الموضوع بشكل فردي ويتم حل الموضوع، والحل في هذه الحالة ليس لأن المشتكي صاحب حق من عدمه، بل يسارع المعنيون باحتواء الموضوع لأنه - فقط - أصبح «ترند»!وكي لا يكون الكلام عاطفيا مرسلا دعوني أقصص عليكم قصة (أو معاناة) أصدقاء تتكرر كل شهر أو كل أشهر، وسأبين لاحقا لماذا قلت أشهرا، رغم أن (مصيبتهم) قائمة بكل وقت، وقبل أن أسرد لكم معاناة (الشاب السعودي) أتعهد لوزارة الموارد البشرية بأنني سأعمل معهم مجانا حتى يتم حل هذه القضية، أو على الأقل نقول للأصدقاء كلاما منطقيا حتى لو لم يكن قابلا للتطبيق، القصة - بتصرف بسيط - وسبب التصرف أن الموضوع يخص - إلى حد كبير - كل الشركات الصغيرة والمتوسطة التي ترسى عليها مشاريع حكومية، ويكون الاختلاف في التفاصيل فقط، يبدأ توظيف العامل السعودي ليس لأن المنشأة بحاجة لشخص ذي مؤهلات أو مهارات معينة، بل لأن العامل السعودي بحد ذاته (مكسب) أو لنقل أداة تكسب للكثير من المنشآت، وهذه ليست سرا بل معلومة كلنا نعرفها، لكننا نخشى أن نقولها بوضوح!، نصل إلى حكاية الراتب «البخس» وهذا «مربط الفرس»، فالأصدقاء يشتكون من التأخر المستفز في صرف الرواتب، والذي حسب كلامهم لا يخضع لوقت معين، فربما يأتي بوقته وربما يتأخر شهرين أو ثلاثة، فالأمر بالنسبة لهم يدخل في خانة «القضاء والقدر»، ولأني «مسوي فيها فاهم»، قلت لهم من حقكم أن تطالبوا برواتبكم عبر الجهات المختصة وبالتأكيد ستنصفكم، وهنا التفت الأصدقاء لبعضهم بابتسامة قبل أن يتمتم أحدهم: (ياخي واضح إنك أجودي وعلى نياتك!)، سكت وأكمل: لو أردت الشكوى فالطريق ممل، يبدأ برفع شكوى للبوابة الالكترونية لوزارة الموارد البشرية، تنتظر أسبوعا حتى يحدد موعد لك مع المنشاة، ثم بعد أسبوع يتم لقاء عن بعد (بغرض الصلح) لا أدري كيف أكون مصالحا في هذه الحالة، أتنازل عن راتبي - الحديث للصديق وليس لي - يعترف صاحب المنشأة بتأخر لكنه يطلب مهلة أسبوع فقط ليتأكد من أن الراتب لم يدفع، الآن أصبح الراتب لم يدفع منذ شهر ونصف، وبعد أن تمضي المدة يأتي للجلسة الأخرى ويبحث عن أي عذر كي يحول الأمر للقضاء، تذهب أن صاحب الحق في رحلة جديدة، يحكم لك القضاء، ثم تذهب للتنفيذ، وفعلا يحول لك راتبك لكن الآن الراتب الذي يليه يكون الموظف قد استحقه وعليه أن يبدأ من جديد في رحلة المطالبات التي لا تنتهي.فلا عقوبة على تأخير صرف الراتب للعامل، لكن العامل (إذا فيه خير يتأخر ربع ساعة!)، طبعا من يذهب في هذه الرحلة هم (استثناء) لأن القلة يذهبون للقضاء للمطالبة بحقهم، فيما الأغلبية يفضلون (ضيم الانتظار) لأن الذي (يزعج) الشركة للمطالبة بحقه لن يجدد له العقد بعد انتهائه، لذا الأغلبية يتقبلون فكرة أن موعد صرف الرواتب قضاء وقدر! السؤال - وأتمنى أن أجد إجابة علمية أو حتى إنسانية - : من يقف مع العامل (الحلقة الأضعف) ويعطيه حقه قبل أو حتى بعد أن يجف عرقه؟