النرجسية الإدارية.. رياح صامتة تهدد بقاء المؤسسات الخاصة
الاثنين / 16 / ربيع الأول / 1447 هـ - 22:29 - الاثنين 8 سبتمبر 2025 22:29
عندما يتم تأسيس مؤسسة خاصة، كثيرا ما تكون البدايات وردية وحالمة وإنسانية جدا، ثم كلما تقدمت المؤسسة في السوق أكثر، كلما تغيرت أحوال كثيرة فيها على المستويات كافة، وينجو من تلك المتغيرات القليل جدا من المؤسسات التي يمتلك أصحابها رؤية حقيقية، وقد ورثوا عن آبائهم وأجدادهم قيما مؤسسية ليست منفصلة عن قيمهم الشخصية التي يعيشون بها بين الناس، وهنا تصمد مؤسسات، بينما تتهاوى أخرى!
الصفات السلوكية لصاحب المؤسسة الخاصة أو من يديرها، تلك الصفات حاكمة جدا على مستقبل المؤسسة، ويمكن ببساطة من خلال دراسة واقع المؤسسة سلوكيا على مستوى الإدارة العليا التنبؤ بمستقبل المؤسسة، حيث إن السلوك هو مفتاح فهم كل شيء تقريبا.
السلوك القيادي سيلعب دوما الدور الأكبر والأعظم في تحقيق مصالح المؤسسة شئنا أم أبينا، أنكرنا ذلك لمدة من الزمن أم اعترفنا به، فلن يتغير شيء، النتائج ستفرض نفسها وبقوة يوما ما، وستهب رياح عاصفة شديدة ذات صباح لتقتلع الكثير من الإنجازات التي بذل فيها الكثير من الجهد على امتداد ربما عقود وليس سنين!
تبدأ الحكاية من عقل القائد، كيف ينظر لنفسه، من هو بالنسبة لنفسه، ومن هم أولئك الآخرون في عينيه، وعندما تنتظم عنده المعاني ويستوعبها عقله تبدأ رحلته مع الحصاد، فكلما كان بعيدا عن خطر السلوك النرجسي كلما حمى نفسه وعائلته في المقام الأول من مخاطر الفقر وفقدان زمام أمور الحياة، لأن انهيار أي مؤسسة سيعني ببساطة بدء رحلته الشاقة في التكيف مع وضع مجتمعي جديد وصعب!
الإدارة في ظل السلوك النرجسي، حيث تضخيم قيمة الذات وتقديسها وجعلها صاحبة أولوية مطلقة على حساب الآخرين مهما كان الثمن من جراح وآلام إنسانية تتفجر في نفوس الموظفين يمنة ويسرة، ومن ثم الإغراق في السير في تلك الطريق، تلك إدارة تعرف طريقها جيدا نحو لحظة الانهيار الحتمية!
نحن لا نستطيع أن نتعايش إداريا في ظل غياب منظومة الأخلاق، ولا يمكن للأخلاق أن تجتمع ولو للحظة واحدة مع منظومة حب الذات وتقديسها، ولا يمكن حتى أن يصلا إلى حلول وسط لذلك التعايش المستحيل! من هنا فإننا وحين نحاول أن نتحقق من حجم وقدر ومستوى الصحة النفسية داخل مؤسسات القطاع الخاص على وجه الخصوص، فنحن بحاجة إلى إعمال المزيد من البحث العلمي المنتظم حول واقع البيئات الإدارية في ذلك القطاع، وجعل الإداريين في هذا الجسد الاقتصادي الكبير على دراية حقيقية بالمخاطر المحدقة بهم في ظل غياب الرؤية، وأحيانا مع غياب المعرفة اللازمة للتحولات الخطيرة انحدارا إلى الأسفل، التي يمكن أن تصنعها الشخصية الإدارية النرجسية