الرأي

مؤتمر شانغهاي، وما بعده.. هل نحن مقبلون على عالم يتحقق فيه التوازن، أو يشتد فيه الصراع؟

علي عبدالله باوزير


انعقد في تيانجين مؤتمر مجموعة شانغهاي بحضور أكثر من 20 زعيما، وقد تأسست مجموعة شنغهاي في 15 يونيو 2001، بهدف تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية... وتضم المجموعة حاليا عشر دول دائمة العضوية من بينها الصين وروسيا والهند، في مجموعة تمثل 41% من سكان العالم، ويمثل اقتصادها 34% من الاقتصاد العالمي.

وبينما يعتقد البعض أننا نعيش في عالم يهيمن عليه «المعسكر» الغربي، فإن السيطرة الحقيقية تملكها دولة واحدة: الولايات المتحدة الأمريكية، والولايات المتحدة ذاتها تسيطر عليها نخبة صغيرة جدا تمثل أقل من 1% من الأمريكيين وتمارس الهيمنة على مقدرات أمريكا، ومن خلال ذلك تمارس الهيمنة على عالم بأكمله.

وهي هيمنة تشمل الهيمنة الاقتصادية، كما تشمل الهيمنة السياسية والإعلامية والعسكرية، وتمثل مجموعة شانغهاي تحديا للهيمنة الأمريكية، وكذلك مجموعة البريكس BRICS التي تضم في عضويتها أيضا الصين وروسيا والهند، والتي تجاوزت مجموعة الدول الصناعية السبع G7، بعد أن أصبحت تمثل 54.6% من سكان العالم، وما يعادل 40% من الاقتصاد العالمي.

وهذا التحدي له ظواهر على عدة أصعدة:

بدءا بالتحدي الاقتصادي بتأسيس بنك التنمية التابع لمنظمة شنغهاي الذي تم الإعلان عنه في قمة تيانجين، ومن قبله تأسيس «بنك التنمية الجديد» (بنك بريكس) التابع لمجموعة بريكس في 15 يوليو 2014، وتأسيس أنظمة دفع بديلة لنظام سويفت الأمريكي، مثل نظام الرسائل المالية الروسي (SPFS) أو نظام المدفوعات الصيني، والتبادل التجاري بالعملات المحلية بعيدا عن الدولار، وتوسيع التكامل التجاري ما بين دول المجموعة، وقد تجاوز حجم التجارة ما بين الصين ودول منظمة شنغهاي للتعاون 2.3 تريليون دولار، وكذلك مشاريع التكامل الاقتصادي ما بين دول المجموعة مثل خط الأنابيب العملاق المسمى «قوة سيبيريا 2» ما بين روسيا والصين.

ولا ننسى التحدي السياسي من خلال عمل المجموعتين: شانغهاي وبريكس على تأسيس عالم متعدد الأقطاب، والتحدي العسكري الواضح.

لكن تبقى أمريكا هي القوة الأعظم حتى وقتنا هذا، وإن كانت قوة منهكة ومستنزفة ماديا وعاجزة عن إصلاح ذاتها، وأصبحت متورطة في عدة نزاعات.. حتى مع حلفائها.. بينما الطرف الآخر يلعب بهدوء وبذكاء.. وبقاء أمريكا على القمة يبدو كبقاء الإمبراطورية العثمانية حية حتى تم اتفاق الورثة على تقسيم تركتها. وبالمثل، سوف تبقى أمريكا مسيطرة - ولو جزئيا - حتى يتم الاتفاق على تقسيم تركتها وعلى زعامة جديدة تخلفها.

وأمريكا تحاول جهدها الرد على تحديات القوى الصاعدة بوسائلها المعهودة: ابتداء بالصراع الأوكراني والتوترات في بحر الصين الجنوبي وحول جزيرة تايوان.. إلى الضرائب الجمركية المرتفعة على الأعداء.. والحلفاء!!!

وفي المقابل، ردت القوى الصاعدة هي الأخرى بأسلوبها الخاص:

بدءا بالمواجهة ما بين الهند وباكستان، حين أسقطت باكستان بطائراتها صينية الصنع عددا من الطائرات الهندية المصنوعة في الغرب.. مرورا بالقصف الصاروخي الشديد الذي لم تستطع إسرائيل مواجهته بالرغم من الدعم الأمريكي.. وما أعلنته الصين عن عبور طائراتها J20 لمضيق تسوشيما دون أن تكتشفها الرادارات الغربية.. وأخيرا ما رأيناه في الاستعراض العسكري الهائل بمناسبة احتفال الصين بذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية، والذي أبرزت فيه الصين قدراتها الصاروخية والنووية، في رسالة واضحة إلى «من يهمهم الأمر» في واشنطن.

فهل سوف يتحقق التوازن الدولي، أم يتصاعد الصراع؟

وإلى أي مدى يمكن أن يتصاعد ؟

وما هي انعكاساته على منطقتنا؟