الرأي

هاني السعدي مسيرة الفنان الإنسان

ياسر عمر سندي
مع تزاحم البرامج التلفزيونية واليوتيوبية وما يقدم من منتجات القنوات الفضائية من دراما ذات إيقاع متسارع ورسائل مترهلة جعلتني أستعيد الماضي لأقارنها بالكثير من الأعمال الإنسانية التي كان لها الأثر المجتمعي في إضفاء حالة من الدفء العائلي بالتفاف الأسرة لمشاهدة المسلسلات والاستماع لبرامج هادفة ذات معنى وقيمة عالجت قضايا تربوية وأسرية عديدة.من الشخصيات المؤثرة عبر تلك الأعمال الفنية آنذاك الفنان المخضرم هاني السعدي الذي لعب أدوارا متميزة؛ ومن خلال هذه السردية التاريخية أود أن أقف على إنجازاته لأضع تذكارا من الوفاء والتقدير لروحه الراقية التي أمتعتنا صغارا وكبارا، وكان لي الشرف بمعرفته عن قرب.هاني بن جميل السعدي ولد في 13 يوليو 1948 بمدينة عمان بالأردن، ورغم ولادته خارج حدود الوطن إلا أن جذوره الفنية امتدت بعمق في أرض الدراما السعودية حين بدأ مشواره الفني يافعا عام 1965 عندما حصل على فرصة الانتشار عبر الإذاعة السعودية.وخلال فترة البث التلفزيوني المبكر شارك في عدد من الأعمال التلفزيونية بالأبيض والأسود، منها «ركب النبوة» للأديب والكاتب حسين سراج، و»انزع ريش طيرك قبل لا يولف على غيرك» للشاعر والأديب أحمد قنديل، بمشاركة عدد من أسماء المخرجين اللامعين الذين رافقوه بدايات تلك المرحلة بمدينة جدة، مثل الأساتذة طارق ريري وعبدالعزيز فارسي وفيصل غزاوي رحمهم الله. في عام 1977، وبعد سنوات من العمل الفني والتجريب، أنتج أول سهرة تلفزيونية سعودية بعنوان «نور العيون»، والتي ما زالت ذكراها تدور بمخيلتي مشاركا في بطولتها عدد من الفنانين بتلك الفترة مثل الشريف العرضاوي ومحمد بخش وأسامة بن ياسين وزينب بدوي وخديجة أبو بكر.كما قدم فوازير رمضان لعدة مواسم 1978 و1980 و1981، ليكون أول إنتاج سعودي خاص.أما الحدث الأبرز بمسيرته الإنسانية دعمه للطفولة وابتكاره لشخصية «بابا فرحان» عام 1992، هذه الشخصية التي عكست من مسماها الطيبة الوالدية والفرح الطفولي بإنتاجه لمسلسل تلفزيوني ساهم في انطلاقة نجوم سعوديين من أبرزهم الفنان خالد الحربي وعبدالستار صبيحي وجميل علي.لم تقتصر شخصية بابا فرحان على الشاشات فقط بل طوعها في مسرحيات تجوب مختلف مدن المملكة، اختار لها لغة بسيطة تحمل رسائل تربوية ووطنية وأساليب مباشرة، معتمدا على السيناريوهات المكتوبة محليا، لتصل أفكاره إلى الأطفال بطريقة سلسة ومقنعة.هاني السعدي سفير الإنسانية والطفولة يضم توليفة فنان بمعنى الكلمة، رفض أن يكبر في أعماقه فظل طفلا في روحه، وصفه زملاؤه بأنه «فنان جيد العطاء واع بما يحتاجه جمهور الشاشة، خصوصا الأطفال». عاش ليرسم الابتسامة على وجوه الأطفال، وبرحيله ترك أثرا رحالا يحمل المعنى الأسمى للإبداع والإلهام الراقي.وفي 3 نوفمبر 2012، توقف قلبه النابض الكبير بحب الغير ليترك إرثا فنيا خالدا ما زالت أصداؤه تتردد في ذاكرة المجتمع السعودي كبارا وصغارا، صانعا رمزا وطنيا متميزا ببصماته الأصيلة، لتبقى سيرة هاني السعدي مسيرة الفنان الإنسان.. رحمك الله يا أبا ماجد.Yos123Omar@