الأطفال والمراهقون وجرائم السب والقذف
الخميس / 12 / ربيع الأول / 1447 هـ - 05:39 - الخميس 4 سبتمبر 2025 05:39
جرائم السب والقذف والشتم من أخطر الأفعال التي يتصدى لها النظام السعودي المستند للشريعة الإسلامية لحماية سمعة أفراده من التشويه والافتراء وتحقيق العدالة وحاجة المجتمع إلى تنظيم ومعاقبة هذه الأفعال، حتى لو صدرت من أطفال، ومع ازدياد استخدام الأطفال والمراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي سوف نركز على عقوبة السب والقذف في هذه الوسائل التي تصل عقوبتها للبالغين في نظام الجرائم المعلوماتية للسجن سنة واحدة مع غرامة مالية تصل إلى 500 ألف ريال سعودي أو كلا العقوبتين، وتعامل جرائم الأطفال بطريقة مختلفة عن البالغين، وتتدرج حسب الفئات العمرية لهم، فالطفل دون سن السابعة «غير المدرك» يختلف عمن دون الخامسة عشرة، كما تختلف العقوبة لمن بلغوا الخامسة عشرة فما فوق، والذين تطبق عليهم عقوبات مخففة مقارنة بالبالغين، لأن الأنظمة السعودية تهدف لإصلاح وتربية وتقويم النشء.والسب كما يعلم الجميع أنه توجيه ألفاظ مهينة لشخص معين تتضمن شتما أو لعنا أو تعبيرات أخرى لإهانته، أما القذف فهو اتهام شخص بارتكاب فعل محرم أو جريمة مخلة بالشرف أو السمعة أو نسب أفعال مشينة له دون وجود دليل وتعريضه للاحتقار من المجتمع، ويعتبر القذف من الجرائم الأشد خطورة نظرا لارتباطه بالأعراض، ونظرا لكثرة استخدام الأطفال والمراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي، وأن هذه الفئة من أكثر الفئات استهدافا لجرائم السب والقذف وتحتاج لحماية من خلال غرس المفاهيم القانونية في المراحل الدراسية المبكرة، وتحصينهم ضد مخاطر هذه الجرائم وتثقيفهم بجرائم السب والقذف والشتم الالكتروني والتفريق بينها، والإحاطة بعناصر هذه الجرائم وعقوبتها في القانون السعودي وأسباب انتشارها، ومعرفة انتزاع الحقوق في حال التعرض لها، مع توضيح دور وسائل التواصل الاجتماعي في مثل هذه الجرائم التي أصبحت ساحة معارك لتصفية الحسابات بين هذه الفئات، خاصة مع انعدام التوعية وغياب بعض الآباء والأمهات عن دورهم الرقابي على الأطفال والمراهقين عند استخدام الأجهزة ووسائل التواصل الاجتماعي.لذا أقترح شخصيا على معالي وزير التعليم الموقر المبادرة بإقامة ورش توعوية قانونية في مدارس المتوسط والثانوي بالتنسيق مع وزارة العدل ووزارة الداخلية لتنمية ونشر الوعي القانوني لهذه الفئات العمرية من الطلاب، واستعراض أنواع الجرائم الالكترونية وتصنيفها، سواء من خلال انتهاك الخصوصية أو التهديد أو الابتزاز أو التجسس أو السب والقذف أو استغلال الأطفال أو الدعوة لأفكار سيئة تضر بالمجتمع وتؤثر سلبا على شخصياتهم في المستقبل، وإطلاعهم على الوسائل التعبيرية الخمس التي تتم من خلالها هذه الجرائم وهي المقاطع الصوتية، والمقاطع المرئية، والكتابة كالرسائل، والرسومات التي تنطوي على السب والقذف، وإعادة تصميم الصور وتركيبها على غير حقيقتها كتغيير هيئة المجني عليه، والأهم من ذلك هو تعريفهم بكيفية اللجوء إلى وسائل الإبلاغ المتاحة في حالة التعرض لهذه الجرائم بداية بإبلاغ ولي الأمر في الأسرة ثم الجهات المختصة ممثلة في إدارة مكافحة الجرائم الالكترونية.ولحماية أبنائنا من الوقوع في هذه الجرائم المعلوماتية لا بد من التقرب للأبناء وبناء الثقة معهم وتشجيعهم على مشاركة أي مشاكل يواجهونها على وسائل التواصل عن طريق استخدام لغة الحوار الصريح والواضح عن الجرائم المعلوماتية وعقوبتها وطرق الاستفزاز لها، وتحديد قواعد واضحة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي كالأوقات المناسبة وعدم مشاركة المعلومات والصور الشخصية وعدم قبول طلبات الصداقة لغير المعروفين، وأهمية إعدادات الخصوصية المناسبة لهم على الأجهزة كالتحكم في مشاركة الموقع والحفاظ على تحديثات البرامج والأمان، وعدم فتح أي روابط مجهولة المصدر، والرقابة الأبوية لنشاط الأبناء على «الإنترنت» والتثقيف المستمر والتأكد من قراءة المعلومات والسياسات وفهمها قبل الموافقة عليها، وطرق التعامل معها، خاصة التبليغ عند التعرض لهذه الجرائم المعلوماتية على وسائل التواصل الاجتماعي والتشجيع على ممارسة الأنشطة غير المرتبطة بالإنترنت، فالأبناء لا يحتاجون لأحدث الأجهزة وأفخم المكاتب وأفضل الاشتراكات في وسائل التواصل الاجتماعي والتفاخر بها، بل تكمن حاجتهم في وجود آباء وأمهات قريبين منهم يمنحونهم الدفء العاطفي والأسري والرقابة المستمرة والإشراف والمتابعة والتوجيه والمصاحبة والقدوة الحسنة للتغلب على مصاعب الحياة وملهياتها ومغرياتها، كما أخبرنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام في الحديث النبوي: «ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» (أخرجه البخاري ومسلم).HashwanO@