خواطر متجحفل
الخميس / 5 / ربيع الأول / 1447 هـ - 14:19 - الخميس 28 أغسطس 2025 14:19
كانت لحظات عصيبة وصدمة غير متوقعة حين سجل اللاعب الظاهرة هدفا قبل آخر ثانية في مرمى فريقي الحبيب.. عشق الطفولة ومهوى القلب والفؤاد.هدف لم يقلب موازين المباراة فحسب، بل حرك المعاجم العربية والشعبية ليصبح مصطلح 'الجحفلة' ترند، ويتداول عند الجميع حتى ممن لا يفقه في قوانين كرة القدم شيئا.عشر سنوات ومئة يوم مضت على هدف أطفأ مشاعل الفرح وأخمد مشاعر السرور وغير نظرتي للحياة وتقلباتها، ومعه اسودت الدنيا في عيني وأحسست أنها النهاية! نعم.. لقد ضاع كل شيء.من قال إن العقد النفسية تتشكل في مرحلة الطفولة فحسب؟!! فقد صرت بعدها أخاف من الفوات مما يعرف اليوم بظاهرة 'الفومو'.. جحفلة أعقبها جحفلات تلو جحفلات، في شتى ميادين الحياة ومجالاتها؛ إشارة تضاء بالأحمر مع لحظة الوصول، محل يغلق عند القدوم، صديق 'يسحب' بعد وعود، خيبات تتوالى وآمال تتلاشى.عقد من الزمان لم يكن كفيلا بمحو العقدة وإزالة الغصة!لقد علمتني هذه الجحفلة دروسا من أهمها أن الدنيا ليست دار أمان ولا ضمان، وأن العبرة بالخواتيم، وأن من يضحك أولا قد يبكي آخرا، وألا تستعجل الاحتفال أو إعلان النصر، وألا تثق بأمر إلا عند تمامه.تعلمت معنى الأتراح بعد الأفراح، وقيمة الفرج بعد الشدة، وأهمية أجزاء الدقيقة والثانية.ورغم قلة ثقتي بفريقي الكبير إلا أن عدم الثقة لا تلغي بالضرورة حبا نشأ منذ نعومة أظفاري، وما زال ينمو ويترعرع وتترسخ جذوره ويزهر ورده وتعلو شمسه.جاء رجل إلى حكيم فقال له: عظني.قال: يا بني، لا تغتر بالبدايات ولا تخدعنك الأولويات، فكم من بداية ناجحة أوهمت صاحبها وأوقعته في شراك الغرور أو التقاعس.قال: زدني.قال: اسأل الله حسن الختام، وأكثر من دعاء 'اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك'، فإن الفوز الدنيوي لا معنى له طالما أن مآله إلى زوال، وإن الفوز الحقيقي هو أن تأتي الله بقلب سليم.قال: فماذا تشجع أيها الحكيم؟فتأوه الحكيم واضعا يده على جبهته وقال: أشجع فريقا يخسر ويخسر ويخسر، مما أفقدني معنى النصر لكني اكتسبت بسببه الحكمة.سامحك الله أيها اللاعب العربي الكبير، ووفقنا وإياك في الدارين.. سجلت هدفك وتركت في قلبي ندبة لم تُمح وشرخا لم يلتئم.. سجلت هدفك وأصبحت أسطورة ومضيت.ameenshahood@