الرأي

دور الرياضة في دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع

فهد ناصر القباع
الرياضة لغة عالمية لا تعرف الحدود ودورها يتجاوز المنافسة إلى بناء مجتمعات أكثر شمولا، إنها ليست مجرد وسيلة للنشاط البدني، بل هي أداة قوية لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع، ورفع مستوى الوعي المجتمعي حول قضايا الإعاقة بشكل عام، يمكن للرياضة أيضا أن تجعل الأشخاص ذوي الإعاقة فاعلين ومؤثرين في نسيج المجتمع.عندما يمارس الأشخاص ذوو الإعاقة الرياضة، فإنهم لا يكتشفون فقط قدراتهم البدنية، بل يبنون الثقة بأنفسهم، هذه الثقة تتجاوز حدود الملعب، لتؤثر إيجابا على حياتهم اليومية، سواء في التعليم أو في العمل أو في العلاقات الاجتماعية. إنها تمنحهم الشعور بالثقة وبالاستقلالية وبالقدرة على تحقيق الإنجازات، وهو ما يعتبر حجر الزاوية في أي عملية دمج حقيقية.وعلى الصعيد المجتمعي، تعمل الرياضة على تغيير المفاهيم القديمة، فعندما يتداول أفراد المجتمع مقاطع فيديو أو صورا لأبطال بارالمبيين من ذوي الإعاقة يعتلون منصات التتويج، أو فريق من ذوي الإعاقة يتنافس مع فرق أخرى ببسالة، فإن الصورة النمطية التي غالبا ما ترتبط بالإعاقة كضعف أو عجز تبدأ في التلاشي. حيث تتحول النظرة من التركيز على ما يفتقده الشخص إلى التركيز على ما يمتلكه من مهارات، ومن عزيمة، وإصرار. عند ذلك تصبح الإعاقة في نظر هؤلاء ليست عائقا لتحقيق الإنجاز.​الأندية الرياضية والمشاريع المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة تلعب دورا محوريا في هذا التكامل، إذ إنها توفر لهم مساحات آمنة للتفاعل الاجتماعي، حيث يمكنهم من خلالها تكوين الصداقات، وبناء العلاقات، والشعور بالانتماء، هذه البيئة الإيجابية تقلل من العزلة الاجتماعية التي قد يعاني منها نسبة ليست بالقليلة من أفراد هذه الفئة، وقد تفتح لهم أبوابا جديدة للتواصل مع أقرانهم ومع المدربين ومع الإداريين ومع أفراد المجتمع الآخرين، كما أنها تتيح الفرصة للأشخاص (من غير ذوي الإعاقة) للتعامل المباشر مع الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك يعمل على تغيير الاتجاهات السلبية لديهم حول الإعاقة، ويساعد على فهم الاحتياجات المختلفة للأفراد وعلى تقبل هذه الاختلافات.​ولا يقتصر تأثير الرياضة على الرياضيين من ذوي الإعاقة أنفسهم فقط، بل يمتد هذا التأثير إلى أسرهم وإلى مجتمعهم المحيط، إن تحقيق أحد الأشخاص ذوي الإعاقة لمنجز رياضي يبعث في أسرته الفخر والأمل والاعتزاز، كما أن بروز نماذج رياضية ناجحة من الأشخاص ذوي الإعاقة في الإعلام يشجع الآباء والأمهات على دعم أبنائهم ودفعهم نحو استكشاف مواهبهم الرياضية.​إن الاستثمار في رياضة الأشخاص ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل المجتمع ككل، فكلما زادت الفرص المتاحة أمامهم، زادت مساهمتهم في الاقتصاد وفي الثقافة وفي الحياة العامة، إن الرياضة جسر لا يربط بين الأشخاص من ذوي الإعاقة والمجتمع فحسب، بل هو جسر يبني مجتمعا أكثر تسامحا، وأكثر فهما، وشمولية للجميع.