طلع عندي سكر!!
الأربعاء / 19 / صفر / 1447 هـ - 04:30 - الأربعاء 13 أغسطس 2025 04:30
يصاب بعض الأشخاص بالصدمة النفسية والتوتر عندما تكتشف إصابتهم بداء السكري، وقد يكون ذلك من باب الصدفة عبر مطالبة الطبيب بإجراء تحليل السكر للاطمئنان على الحالة واستنادا لبعض الأعراض المرتبطة بالمرض.
ويقول أحد الأعزاء في رسالته: جاني التوتر والخوف بعدما قال لي الطبيب طلع عندك سكر (طبعا النوع الثاني) وهذه أدويتك وأسلوب علاجك ونمط حياتك اعتبارا من اليوم، وسؤالي هنا يا دكتور: هل أنا مهدد بمشاكل صحية أخرى بسبب إصابتي بالسكري؟
في الواقع لا بد أن يدرك كل من يكتشف إصابته بداء السكري أن تشخيص السكري لا يعني نهاية المطاف، بل هو فرصة حقيقية لإعادة ضبط نمط الحياة، فالجسم حينها يواجه صعوبة في تنظيم مستويات السكر إما بسبب ضعف إفراز الإنسولين أو مقاومة الخلايا له، ما يتطلب تدخلا واعيا لتفادي مضاعفات قد تؤثر على أعضاء الجسم مع مرور الوقت.
وأول ما يجب فهمه في مرحلة اكتشاف الإصابة هو اتباع نمط صحي جديد لتفادي الكثير من المشاكل الصحية المترتبة، وأهم أمر في هذه المرحلة هو السعي دائما وراء استقرار قراءات السكر عبر المراقبة اليومية لنسبة سكر الدم، لكونها توضح ما إذا كانت الخطة العلاجية المتمثلة في النظام الغذائي، الرياضة، الأدوية أو الإنسولين تسير حسب الخطة المحددة، فكل ذلك يساعد في تجنب المضاعفات الخطيرة - لا قدر الله - المترتبة على مرض السكري في حال إهمال الخطة العلاجية واتباع النمط الصحي، وإضافة إلى ذلك تمكن قراءات السكري المصاب والمحيطين به من اتخاذ قرارات يومية سليمة في حال شعوره بأعراض مرتبطة بمرضه فهنا يمكن التدخل السريع لإعادة نسبة سكر الدم إلى وضعه الطبيعي وإنقاذا للحالة من مضاعفات خطرة.
لا بد أن يدرك من تكتشف إصابته بالسكري أن إدارة مرضه تعتمد على التوازن بين التغذية السليمة، النشاط البدني، مراقبة السكر، الأدوية، والتوعية، فالهدف هو الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن المعدلات الطبيعية أو المستهدفة لتجنب المضاعفات طويلة المدى، فمشكلة مرض السكري أنه مرتبط بمضاعفات خطيرة أخرى لكونه يؤثر على العديد من أجهزة الجسم، فمن الضروري على مريض السكري اتخاذ خطوات وقائية لأمور أخرى مثل العناية بالقدمين عبر فحصهما جيدا وتجفيفهما بشكل جيد عند الوضوء أو الاستحمام وغير ذلك، وتجنب المشي حافي القدمين، وأيضا الاهتمام بصحة العيون، إذ يجب زيارة طبيب العيون سنويا لفحص الشبكية، والاهتمام أيضا بصحة الأسنان والتأكد من عدم وجود أي مشاكل في الفم، وإضافة إلى ذلك الحرص على مراقبة الضغط والكوليسترول لكونهما مؤثرين على صحة القلب.
ويظل السؤال هنا، لماذا مرض السكري أكثر انتشارا في مجتمعات العالم؟
الجواب ببساطة هناك بعض المسببات التي تمهد لداء السكري ومنها:
أولا: نمط الحياة الخامل، فقلة النشاط البدني والجلوس لفترات طويلة تضعف من قدرة الجسم على استخدام الإنسولين بفعالية، وأيضا التقنيات الحديثة قللت من الحاجة للحركة في الحياة اليومية مثل استخدام السيارات والمصاعد والعمل المكتبي.
ثانيا: اتباع النظام الغذائي غير الصحي، مثل زيادة استهلاك السكريات والدهون المشبعة، والوجبات السريعة والأطعمة المعالجة، وقلة تناول الألياف والخضراوات والفواكه الطبيعية.
ثالثا: السمنة التي تعد من أقوى عوامل الخطر للإصابة بالسكري من النوع الثاني، فتراكم الدهون وتحديدا في منطقة البطن يؤثر سلبا على فعالية الإنسولين.
رابعا: العوامل الوراثية، فالتاريخ العائلي يلعب دورا مهما، ولكنه ليس العامل الوحيد، فالوراثة تؤثر على الاستعداد للإصابة، لكن البيئة ونمط الحياة يسرّعان تطور المرض.
خامسا: ضعف الوعي الصحي بأهمية فحص السكر المبكر، لا سيما الأشخاص الذين يعانون من مشكلة السمنة أو من لديهم تاريخ عائلي وراثي، كما أن البعض
قد يكون لديهم مرحلة «ما قبل السكري» دون علمهم، ما يزيد من فرص تطور المرض دون تدخل.
وحتى لا يحدث أي تشويش لدى القراء في فهم مرض السكري أوضح أنه من الأمراض المزمنة الأكثر انتشارا في عصرنا الحالي، ويتفرع إلى أنواع مختلفة أهمها النوع الأول والنوع الثاني، ورغم أن كليهما يتعلقان بارتفاع مستوى السكر في الدم، إلا أن هناك اختلافات جوهرية بينهما من حيث الأسباب، العمر الذي يظهر فيه المرض، طريقة العلاج، وإمكانية الوقاية.
فالنوع الأول من السكري هو مرض مناعي ذاتي، حيث يهاجم جهاز المناعة خلايا (بيتا) في البنكرياس، وهي المسؤولة عن إنتاج هرمون الإنسولين. ونتيجة لذلك، يتوقف الجسم تماما عن إنتاج هذا الهرمون الضروري لتنظيم مستوى السكر في الدم
أما السكري من النوع الثاني، فهو الأكثر انتشارا، وفي هذا النوع ينتج البنكرياس الإنسولين، ولكن الجسم لا يستخدمه بشكل فعال، أي أن هناك مقاومة للإنسولين، وقد تتراجع كمية الإنسولين المنتجة مع مرور الوقت، وهذا النوع أصبح يشخص بشكل متزايد لدى الشباب وحتى الأطفال، بسبب انتشار السمنة وقلة النشاط البدني.
الخلاصة: رغم أن مرض السكري يشكل تحديا في المنظومات الصحية في جميع دول العالم، إلا أنه ليس عائقا أمام حياة طبيعية وسعيدة يعيشها المصابون به، وذلك عبر الوعي، والانضباط، والدعم الطبي، إذ يمكن السيطرة عليه بنجاح وتفادي مضاعفاته، فلا بد للمرضى أن يجعلوا نمط حياتهم أداة للشفاء، لا مجرد علاج للمرض، فالإدارة الجيدة للسكري تبدأ من الفرد نفسه، وتنتهي بحياة صحية متجددة كل يوم، وسلامة صحتكم