الابتسامة حق لا تفرط فيه!
الثلاثاء / 18 / صفر / 1447 هـ - 01:15 - الثلاثاء 12 أغسطس 2025 01:15
الابتسامة هي أوضح عنوان من عناوين السعادة، فعادة لا يبتسم حزين أو مهموم، والابتسامة ترياق لا يمكن أن نعيش من دونه، لكنها عزيزة في مواقف كثيرة وخلال محطات لتجارب عديدة من تلك التي نعاينها في حياتنا وتغير فينا الكثير، وتصنعنا، ولا تتركنا أبدا الأشخاص ذاتهم الذين كانوا! تتحول الابتسامة شيئا فشيئا كلما نضجنا إلى صناعة أكثر من كونها رد فعل، فكلما تتراجع تجاربنا الخديجة أمام التجارب المكتملة، نشعر بأننا أقوى، وبأن اغتيال ابتسامتنا خط أحمر، فندافع عنها كأشد ما يمكن للإنسان أن يدافع عن ملكية خاصة يراها أهم من أمور كثيرة أخرى في حياته، فحينها نستطيع أن نبتسم فعلا أكثر!
الناس قد لا يبتسمون كثيرا لأنهم يظنون أن للمجتمع الحق في أن يسلبهم حقهم في أن يبتسموا، ويذهب كثيرون إلى الاعتقاد أن التشاركية الاجتماعية لا بد لها بالضرورة أن تعني أن هناك أحمالا يجب حملها نيابة عن الجميع، فيبتسم كثر بعد أن نقوم نحن بحمل الأعباء بدلا عنهم، والحقيقة أنها لا تكون أعباءنا نحن، بل أعباء الذي ابتسموا نيابة عنا.
هذا الإغراق في عالم التضحيات، وهذه الحالة من الانتحار غير الأخلاقي، الذي يقدم دائما على أنه عمل أخلاقي بامتياز، وينسب زورا وبهتانا في بعض الأحيان للدين، ويستغله بعض أفراد المجتمع أسوأ استغلال ليتهربوا من مسؤوليات الحياة ويلقوا بها على أكتاف أصحاب النفوس الخيرة، مستغلين براءة تلك النفوس، كل ذلك يمثل اعتداء مكتمل الأركان على النفس البشرية في مخالفة صريحة للدين وللأخلاق!
يتوقف الناس عن ممارسة حقهم في الابتسام عندما لا يفهمون حقوقهم بالقدر الذي يفهمون به واجباتهم! يتوقف الناس عن الابتسام عندما لا يعينهم من حولهم العون الواجب، وعندما يجدون أنفسهم في وجه كل عواصف الحياة وحدهم، ولا سند لهم من الذين لطالما كانوا هم السبب في جعلهم يبتسمون!
يتوقف الناس عن الابتسام عندما تتوحش مادية القرن الحادي والعشرين أكثر عبر مجتمعات العالم، وعندما تغيب رؤية الإنسان كفرد، فيفقد كثيرا من الوعي اللازم على طريق صناعة حياته الخاصة، وتتلاشى كثيرا من معايير التوازن التي هي حق له بسبب شدة هبوب رياح التغيير المتلاحق في مفاهيم الناس، فقد يحاصر الرافض لتلك المعايير، ولكن لا سبيل أمامه ليصلح من طبيعة التجارب التي يخوضها!
الابتسامة حق لا تفرط فيه! الابتسامة خلقها الله تعالى لنا لنمارسها ولنعيشها لا لنتمناها فقط، وكلما قلت الابتسامة في حياتك فاعلم أن ثمة شيئا ما خطأ لا بد لك من أن تصلحه، فلا تستسلم عندما تغيب الابتسامة عن حياتك، لأنها حقك.