الرأي

المحطات في طرق السفر بين الفرص الممكنة والضائعة!

وليد الزامل
يعد تخطيط النقل الحضري أحد مجالات التخطيط الهامة، والتي تتناول وضع الخطط المستقبلية لقطاع النقل في المدن، بما في ذلك النقل اللوجستي. النقل هو أحد المبادئ الاستراتيجية في تنمية المدن، فإذا أردت تنمية تجمع استيطاني كالمدن النائية عليك أن تبدأ بتطوير خطة متكاملة للنقل تدعم الوصولية لها بيسر سواء بريا أو بحريا أو جويا. إن تنويع بدائل النقل يشجع على سهولة الوصول، وبالتالي تنمية المكان وتأكيد ارتباطه بمحيطه العمراني. وغني عن البيان، فالتنمية لا تعني استغلال الفرص والموارد المتاحة في الموقع وتوظيفها بالشكل الأمثل فحسب؛ بل تعزيز طرق الوصول للموقع وتحقيق العوائد الاقتصادية للسكان. التخطيط العمراني هو سلسلة متكاملة تتأثر بالمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛ فلا يمكننا توقع الأثر الإيجابي في حال اعتمدنا على التطوير المادي دون الأخذ بعين الاعتبار بظروف الموقع وخصائصه.

إن توفر الموارد السياحية في مدينة ما لا يعني أنها أصبحت خيارا ملائما للسياحة؛ إذا لم يكن ذلك مقرونا بتطوير البنية السياحية بما في ذلك قطاع الإسكان والنقل الحضري والبنية التحتية، ودعم الخيارات التي تلبي الشرائح الاجتماعية والاقتصادية كافة، وتحقق الوصول العادل للموارد. وهكذا فنجاح المدينة في الوصول للأهداف التنموية العليا قد يفسده عدم توفر دورات مياه عامة أو مواقف سيارات كافية أو محطات توقف متميزة في طرق السفر.

في الأصل تعد محطات التوقف في طرق السفر بمثابة تجمعات استيطانية صغيرة لكونها تتضمن العديد من الخدمات، بما في ذلك نقاط التزود بالوقود، ومواقف السيارات، وخدمات الصيانة، والمطاعم، والأسواق التجارية، ومناطق ترفيهية للأطفال، والنزل المخصصة على طرق السفر أو ما يعرف بالموتيلات. تساهم مناطق محطات الوقود ومراكز الخدمات في تشجيع السفر عبر الطرق البرية، وتزيد من قدرة قائدي المركبات على مواصلة رحلة ممتعه قد تمتد لمسافات طويلة دون الشعور بمجهود ذهني أو جسدي. هذا الكم الكبير من الخدمات والأنشطة في المحطات يجعل منها مناطق مؤهلة كبؤر استيطانية مستقبلية يمكن ربطها في محيطها الحضري. تستغل العديد من الدول محطات التوقف في خلق فرص استثمارية واعدة للقطاع الخاص أو للمجتمعات الريفية خارج حدود المدن، سواء في تسويق منتجات الأسر المنتجة أو المنتجات الزراعية.

على المستوى المحلي، لا تزال محطات التوقف في طرق السفر تشكل عنصرا غير مستغل تماما؛ ويراها البعض مناطق غير جاذبة للمستخدمين أو القطاع الخاص. كما أنها تزيد من أعباء الإنفاق سواء في التطوير أو النظافة أو الصيانة العامة. ومن الملاحظ وجود تباين في مستويات النظافة، خاصة في دورات المياه وجودة المطاعم والمواد الاستهلاكية، مما يجعلها مناطق غير مرغوبة. ولا غرابة فالبعض قد يغير وجهة سفره أو يستخدم بديلا آخر للنقل بسبب عدم توفر محطات متميزة تحتوي على دورات مياه نظيفة. تحسين هذه المحطات يخضع لقياس مدى مواءمتها مع احتياجات المجتمع، إذ تفتقر هذه المحطات عادة إلى عنصر المتابعة والرقابة المستمرة؛ لكونها تقع خارج حدود المدن ونطاق الأمانات أو البلديات الإشرافية، ويصعب متابعتها من خلال جهة إشرافية عليا.

ختاما، أرى أن تطوير محطات التوقف في الطرق السريعة مرهون بخطة تقتضي أن تكون هذه المحطات جزءا من تجمعات عمرانية صغيرة لها نطاق إشرافي، فالخدمات التي تحتويها هذه المحطات يمكن استغلالها وربطها بأقرب التجمعات العمرانية في إطار تكاملي يؤسس مستقبلا لمدن صغيرة أو مراكز تجمعات ريفية واعدة.