الرأي

عودة إلى العصر الحجري (تقريبا)!

حسين باصي
جاءت فكرة في مخيلتي أشبه ما تكون في الأفلام السنيمائية، تخيل معي أنك استيقظت صباحا ولم تجد ضوءا ينبعث من مصباح غرفتك، ولا صوتا يصدر من جهاز التلفاز، ولا حتى رائحة القهوة تفوح من المطبخ. نعم، لقد انقطعت الكهرباء! ولكن ليس لساعة أو ساعتين، بل للأبد!

في البداية، سيخيّم على الجميع شعور بالصدمة وعدم التصديق. كيف يمكننا العيش دون كهرباء في هذا العصر الذي أصبح فيه كل شيء يعتمد عليها؟ سيسارع الناس إلى هواتفهم الذكية ليتحققوا من الأخبار أو ليتواصلوا مع أصدقائهم، لكنهم سيكتشفون سريعا أن هواتفهم قد تحولت إلى مجرد قطعٍ بلاستيكية عديمة الفائدة.

ستبدأ رحلة البحث عن البدائل. سيعود الناس إلى استخدام الشموع والفوانيس لإضاءة منازلهم، وسيعتمدون على المواقد القديمة للطهي، وسيقضون أمسياتهم في سرد القصص أو لعب الورق بدلا من مشاهدة التلفاز. ستمتلئ الشوارع بالدراجات الهوائية وعربات الخيول، وستُستبدل السيارات بحيوانات الجر.

أما في العمل، فستُغلق معظم الشركات والمصانع أبوابها، وسيقتصر العمل على المهن التي لا تحتاج إلى الكهرباء. سيعود الناس إلى الزراعة وتربية الحيوانات، وسيصبح الحرفيون اليدويون من أكثر الأشخاص طلبا.

ستتحول حياتنا الاجتماعية بشكلٍ جذري. لن نتمكن من التواصل مع أصدقائنا وأقاربنا عبر الإنترنت، وسنضطر إلى الاعتماد على الرسائل المكتوبة باليد أو على زيارات شخصية. ستصبح المقاهي والحدائق العامة أماكن التجمع الرئيسية، حيث سيتبادل الناس الأخبار والأحاديث.

ستصبح الحياة أكثر بساطة وهدوءا. سنعيد اكتشاف متعة الأشياء البسيطة، وسنقضي وقتا أطول مع عائلاتنا وأصدقائنا. سنصبح أكثر اعتمادا على أنفسنا، وسنتعلم مهارات جديدة لم نكن نعرفها من قبل.

لكن بالطبع، لن تكون هذه الحياة خالية من الصعوبات. ستصبح الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وستواجه المستشفيات صعوبة في تقديم الرعاية الصحية. سيتعين علينا جميعا أن نتكيف مع هذا الواقع الجديد، وأن نتعلم كيف نعيش دون الكهرباء.

في النهاية، قد نكتشف أن الحياة دون كهرباء ليست سيئة كما كنا نعتقد. قد نجد فيها فرصة لإعادة التواصل مع الطبيعة ومع أنفسنا، ولعيش حياة أكثر بساطة وهدوءا. ولكن تحمل الصعاب يا عزيزي المرفه والمنعم بالكهرباء.