المستجدات التقنية والتحديات التربوية
الأربعاء / 11 / جمادى الأولى / 1446 هـ - 21:37 - الأربعاء 13 نوفمبر 2024 21:37
قبل توحيد المملكة العربية السعودية على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالله - رحمه الله - كانت الجزيرة العربية غارفة في ظلمات الجهل، وكان معظم الناس بعيدين عن العلم مشغولين بالحرث والرعي.وبفضل الله - سبحانه وتعالى - ثم بجهود القيادة الرشيدة منذ قيام الدولة وحتى وقتنا الحاضر؛ تغيرت الأحوال واستقر الأمن وانتشر العلم واندحر الجهل.تطورت البلاد وتغيرت الحياة، ولم تعد حياة الأجيال المعاصرة كحياة أسلافهم الذين كانوا يرعون الأبل، ويحرثون الأرض، ويعانون المجاعة والأمراض.جيل اليوم لم يعد كسابقه؛ فولادته وفكره وطرق تواصله مرقمنة ومبرمجة، وأصبحت الفجوة الرقمية بينه وبين أسلافه شاسعة.مصادر المعرفة، والمباني المدرسية، والقاعات الصفية، والوسائل التعليمية، والمقاعد الدراسية، والمختبرات العلمية، والمكتبات الورقية، وطرق التدريس، وإدارة الصف، ونواتج التعلم، لم تعد كتلك التي نعرفها وننشدها قبل عقود.لقد أدى دمج التقنية في التعليم واستخدام تطبيقات الواقع الافتراضي والواقع المعزز والذكاء الاصطناعي إلى تغيرات في أساليب التدريس والتعليم، وغيرت من ديناميكيات العملية التعليمية بشكل جذري، وأحدث هذا الدمج ثورة كبيرة في طرق نقل المعرفة وتبادل المعلومات بين الطلاب والمعلمين، وساهم في التحول من التعليم التقليدي إلى التعليم الالكتروني.لم يعد المعلم اليوم هو المصدر الوحيد للمعرفة - كما كان منذ عقود - حيث أصبحت المعرفة مع التطورات التقنية واستخدامات الإنترنت متاحة للجميع.ولم يعد المتعلم اليوم كطالب الأمس، فلديه قدرة فائقة للوصول إلى كم هائل من المعلومات عبر الإنترنت والمصادر الرقمية عن طريق الأجهزة المحوسبة والهواتف الخلوية، وعلى توظيفها والتعامل معها باحترافية.ومعلم اليوم لم يعد كمعلم الأمس - كذلك - فلديه إمكانات وقدرات تجعله يقدم الخدمات التعليمية لطلابه عن بعد عبر المنصات التعليمية مهما بعدت المسافة عن المدرسة.إن التربويين - أمام هذه الفضاءات المنفتحة، ومحركات البحث العنكبوتية، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والرقائق الالكترونية، والتحديات الاقتصادية التي جعلت من الكتب الدراسية الرقمية أقل تكلفة من الكتب المطبوعة - مطالبون بإعادة النظر في طرق بناء وإدارة المعرفة وفي تطوير مجالات (التدريس - نواتج التعليم - الأنشطة الطلابية - التوجيه الطلابي) وإلى توفير البنية التحتية واستثمار الإمكانات التقنية والذكاء الاصطناعي بأمان وفاعلية واستدامة، وإنجاز أولويات التعليم بطرق أفضل وأوسع وبتكلفة أقل، وإلى مواجهة المخاطر (الاجتماعية - المهارية - السيبرانية - التقنية) في ظل الأتمتة الواسعة.ختاما: لا يخفى على الجميع أن المملكة العربية السعودية تسعى من خلال رؤية 2030 إلى أن تكون منصة عالمية للتقنية والابتكار، وذلك من خلال تطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز الاستثمار في التقنيات الناشئة، لما للتقنية من دور بارز في تنمية الاقتصاد الوطني وتحسين جودة الحياة للمواطن السعودي، وفي تزويد الطلاب بالمهارات والمعرفة التي يتطلبها سوق العمل، وفي تقليل البطالة وزيادة الإنتاجية.Dr_Adnansh@