الرأي

لماذا فاز ترامب؟

عبدالله العولقي
وصفت صحيفة وول ستريت جورنال انتصار ترامب التاريخي بأنه سيعلق في ذاكرة الأمريكيين إلى الأبد، وهذه هي الحقيقة، فالشخص نفسه ظاهرة عجيبة في تاريخ السياسة الأمريكية، فرغم تقدمه في العمر إلا أن جسده الذي يقترب من 79 عاما لا يزال يحمل نشاط وحركة الشباب ومعهما نرجسية صارخة تعشق الأضواء، وصل الرئيس ترامب إلى بوابة البيت الأبيض عبر فوزه على سيدتين، هيلاري كلينتون في 2016م، وكامالا هاريس في 2024م، وقد قدم ترامب من بوابة المال والأعمال وبرامج التلفزيون والمصارعة الحرة إلى مكتب الرئاسة في البيت الأبيض.للمرة الأولى ومعه ثقة سياسية مفرطة، وعندما انهزم أمام بايدن لم يتسلل اليأس إلى روحه أبدا، بل عاد ومعه عزيمة قوية لا تعترف بالانكسار، وسيدخل بوابة البيت الأبيض للمرة الثانية رغم سجله المثقل بالأحكام القضائية التي تنتظره، ومن الجدير بالقول أن فوزه بالانتخابات الأمريكية بفترتين غير متتاليتين لم يعرفه التاريخ السياسي الأمريكي إلا مع ترامب والرئيس الأسبق جروفر كليفلاند.فوز دونالد ترامب له عدة أسباب، منها انقسام الحزب الديمقراطي الأزرق داخليا بسبب الإشكاليات المتفاقمة بين أعضاء الحزب، على عكس الحزب الجمهوري الأحمر الذي بدأ متماسكا خلف مرشحه، ولا أدل من ذلك رؤية زوجة الرئيس بايدن وهي ترتدي البدلة الحمراء أثناء ذهابها لصندوق الاقتراع وكأنها تتمنى فوز ترامب وهزيمة الديمقراطيين الذين أجبروا زوجها على الانسحاب!!وهنا يأتي التساؤل المهم، لماذا انتخب الأمريكان ترامب بهذه الصورة الكاسحة؟ هل الأمر يتعلق بالاقتصاد أم بالسياسة؟ اقتصاديا عاش الأمريكان ظروفا اقتصادية صعبة في السنوات الثلاث الأخيرة من عهد بايدن مقابل السنة الأخيرة من عهد ترامب السابق، والتي انتعشت فيها الأسواق الأمريكية وزادت عروض الوظائف حينها، وهنا نقطة مهمة في الداخل الأمريكي أن انتعاش الاقتصاد الداخلي أهم من وجهة نظرهم من قضايا أوكرانيا وغزة وروسيا، أما سياسيا فالحديث عن أسلوب الحكم الأمريكي، فخلال السنوات الماضية هناك صراع أديولوجي خفي بين الديمقراطيين والجمهوريين حول طريقة وأسلوب الحكم، هناك الأوبامية التي استمرت في عهد بايدن مقابل الترامبية المعروفة، الأوبامية التي تهتم بقضايا الليبرالية اليسارية التي لم تعد تهم المواطن الأمريكي بالدرجة الأولى على عكس الترامبية التي تنتعش الأسواق الأمريكية معها.خاتمة القول.. التقنية لعبت دورا في انتصار ترامب أيضا، ففي المرة الأولى وأمام هيلاري كلينتون كان ترامب يجيد التواصل مع جمهوره عبر منصات التواصل الإجتماعي وقد آتت أكلها في ذلك الوقت، وعندما أدرك الديمقراطيون ذلك نجحوا في معركتهم الثانية أن يقفلوا حسابه على منصة تويتر فخسر الإنتخابات أمام بايدن، أما اليوم وبعد فوزه على كامالا هاريس فلم يبتهج بالنصر وحده، فقد فاز معه رجل الأعمال إيلون ماسك أغنى أثرياء في العالم، الرجل الذي اشترى منصة تويتر بسعر خيالي ليعيد فتح حساب الرئيس ترامب ويمكنه من التواصل مع جمهوره، ويسخر له جميع إمكانياته المالية والتقنية.albakry1814@