الرأي

التدريب المستمر في المملكة

برجس حمود البرجس
التدريب المستمر أحد أهم عناصر النجاح المهني، فهو مكمل للتعليم الأكاديمي، ويبدأ من مرحلة ما قبل التخرج حتى مراحل متقدمة من الحياة المهنية. التدريب المستمر دائما يُعنى بالأعمال والمهن، ومكوناته مشتقة من طبيعة الأعمال وممارسات واقع الأعمال. كما أن الإحصائيات تشير إلى وجود إقبال من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية على التدريب المستمر، ويتزايد ذلك مع مرونة الأعمال مؤخرا والإقبال على التجارة الالكترونية والعمل المرن والعمل الجزئي والعمل عن بُعد.

التدريب المستمر مهم جدا للطلاب والطالبات في المراحل الثانوية والمعاهد والجامعات قبل مراحل التخرج وبعدها، حيث إنه يمثل واقع الأعمال، فعلى سبيل المثال، طلبة الثانوية يتعلمون مثلا فن التصوير والرسم على الكمبيوتر وإنتاج الموشن جرافكس ليؤهلهم إلى أعمال يقومون بها أثناء المراحل الأخرى، وطلبة هندسة الكمبيوتر (مثلا) يتوجب عليهم الالتحاق بالتدريب المستمر ليتعلموا ما سيعملون عليه مثل برامج الشبكات وأمن المعلومات، والمختصون بالتسويق أيضا يتوجب عليهم التدريب المستمر على التسويق الالكتروني (مثلا).

هذه البرامج المقدمة في التدريب المستمر أقرب كثيرا لواقع الأعمال، وأعدادها كثيرة ومتوفرة لدينا في المملكة، وتقدم في برامج تدريبية حضورية وأيضا التدريب (عن بُعد) ليتسنى للجميع الاستفادة من هذه البرامج التي تعود بالنفع على الطلبة والطالبات عند الالتحاق بالأعمال، وبل إنها تساعدهم في سرعة الالتحاق بالوظائف واغتنام الفرص الوظيفية.

التدريب المستمر متوفر لجميع التخصصات وفروعها، ولكل عمل هناك عدة برامج تدريبية، فلو نظرنا مثلا لتخصص المالية، فهناك برامج تدريبية كثيرة مثل الدمج والاستحواذ، والمحاسبة المالية، والصرافة والتحويل، والتأمين، وغيرها الكثير. بالإضافة إلى برامج التدريب المستمر للأعمال والتخصصات، أيضا يوجد برامج تدريبية للمهارات، وهي الجزء الثاني المكمل لبرامج الأعمال والتخصصات، ومنها برامج مهارية مثل الذكاء الاجتماعي، والتفكير التصميمي، ومهارة العمل عن بُعد، وبلورة الأفكار، وغيرها الكثير، وجميع ما ذكرناه يزيد من إمكانية الحصول على أفضل الفرص الوظيفية بالإضافة إلى اتقان المهنة.

التدريب المستمر يفتح مجالا أكبر لتكوين علاقات مع متدربين آخرين يتكاملون في الأفكار والتكاتف، وهو المعنى الحقيقي للعلاقات، حيث يزيد من العروض الوظيفية والعروض التعاقدية والتعاونية. كما يزيد التدريب المستمر من فرص مواكبة المتغيرات المتسارعة في تطور الأعمال وتغيراتها. أبسط مثال على ذلك هو تطور أعمال الخدمات اللوجستية التي تغيرت كثيرا في الخمس سنوات الأخيرة، وكذلك تغير أنظمة المدفوعات بالإضافة إلى التغير المستمر للمنظومة التجارة الالكترونية.

لدينا ولله الحمد في المملكة عدة برامج للتدريب المستمر حكومية مجانية وبرامج للقطاع الخاص، وتأتي في أولها برامج 'دروب' التي تستهدف تطوير القدرات وتطويع المهارات لمواكبة احتياجات سوق العمل، ولديها موارد تعليمية تساهم في دعم القدرات وتمكين الابتكار، حيث نجد أن عدد المستفيدين حتى اليوم من برامج 'دروب' تجاوز 1.8 مليون متدرب أكملوا 16.2 مليون برنامج تدريبي لأكثر من 10 ملايين ساعة تدريبية.

كما أن صندوق تنمية الموارد البشرية 'هدف' يقدم للطلاب الدعم المستمر والتجهيز للانضمام للقطاع الخاص، وكذلك 'جدارات' تساهم في فرز وتنقيح الخيارات الوظيفية الملائمة للمهارات والقدرات لكل تخصص وكل وظيفة، وهذا يساعد في الوصول إلى خيارات متعددة للفرص الوظيفية.

الدعم الحكومي المساهم في تطوير الكوادر البشرية وتجهيزهم لسوق العمل جهوده مستمرة ويشمل جميع المراحل والمجالات، لذلك له تأثيرات إيجابية واضحة ومساهمة فاعلة في التميز الوظيفي. التدريب المستمر في مراحل مبكرة يوسع المدارك وينمي القدرات ويفتح الفرص ويساهم بشكل كبير في مستقبل وظيفي وريادة أعمال واعدة.