الرأي

الحرف والوظائف والتخصصات إلى أين؟

شاهر النهاري
قابلت شبابا سعوديين في مصر وهم يسددون رسوم التسجيل لجامعات مصرية حكومية وخاصة، أغلبيتهم خريجو جامعات سعودية في التخصصات الإسلامية والأدب!وحسب خططهم الخاصة يسعون لنيل درجات الماجستير والدكتوراه في إدارة الأعمال العامة، بطموح العودة إلى الوطن، بتمكن إداري يتبوؤون بشهاداته الوظائف المرموقة!السعودية الجديدة تستقطب حاليا أصحاب المهن الأولية والأساسية الفاعلة والتخصصية والتصنيعية والدقيقة من جميع الجنسيات، والتحديات تواجه إحلال المهن الأولية والنادرة، بينما ما يزال بعض شبابنا أسرى لمعة الشهادات العليا، ما يخلق الفروق بين المبادرين المتمسكين بوظائفهم مهما كانت صغيرة، وبين أخيلة من سيتأخرون سنوات لنيل شهادات إدارية تحتاج الحظ والواسطة الفاعلة!الشباب المتقبلون للتغيير الفعال حصلوا على وظائف تخصصية حكومية أو خاصة، وشرعوا بالتعلم الذاتي وتطوير أنفسهم ومواصلة دراساتهم وهم على رأس العمل، بتوازن حياتي عملي مادي يسعى للإمساك بعدة عصافير، متفانين لمساعدة دولتنا في سد عجز الوظائف المتعددة بمختلف التخصصات.أسئلة عديدة تتوارد، فلماذا ما تزال جامعاتنا تُخَرِج فائضا من الدراسات النظرية! والتي لم تعد تواكب رؤية العصر الحالي، ولا أسواق الأعمال المتعطشة لتخصصات مهن مستقبلية تقودنا لنهضة متنوعة متكاملة، وتثبت قدراتنا على تبوؤ مكانتنا الطبيعية بأبنائنا بين الأمم، ليس فقط في زخارف الأعمال الإدارية، ولكن بمن يجيدون لغات الحِرف والمهن والتخصصات العصرية المتطلبة للمستقبل.وتزامنا فقد شاهدت حلقة برنامج الإعلامي عبدالله المديفر مع الأستاذ تركي الجعويني، مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية، والذي أشار فيها لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي عن مستقبل الوظائف عالميا، وحدد الوظائف الخمس الأسرع نموا وطلبا للمستقبل، مثل أخصائيي الذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة، ومتخصصي الاستدامة، ومحللي ذكاء الأعمال، وأمن المعلومات، والتقنية المالية، وأفاد بتوجه السعودية لملء تلك الوظائف بشكل يوازي خطوات التطور العالمي، وأنه لا بد من تخفيض بعض التخصصات مثل الكتبة، والخدمات البريدية، المبيعات الميدانية، والسكرتارية وأعمال الصرافة، وإدخال البيانات وما شابهها.وهذا كلام مهم جذري لا بد من التوقف عنده، فهل هذه رؤية وقدرات مدارسنا وكلياتنا وجامعاتنا ومعاهدنا السعودية؟وهل الخطط شاملة متكاملة الجوانب بانسيابية لا تخلق زيادة غير مدروسة في بعض التخصصات، ولا تبخس مهنا مطلوبة بقرار إزاحتها بالكامل؟يثبت شبابنا السعودي في كل التحولات أن طموحاته تفوق التوقعات بالسبق والتركيز على الهدف والتخصص، ومواجهة هيمنة الأجانب على التخصصات الأساسية، وتعديل المنظور المجتمعي لأي مهنة وتخصص شريف.وجذرية القرارات تتكامل بإلزامية وانسيابية تنفيذها المُحكم على جميع مستويات التعليم، والاستقطاب والإحلال بنزاهة، فلا نعود نجد الخلل بالمفاهيم المجتمعية والحكومية والخاصة، متكئين على دراسات فاعلة محدثة من مراكز بحوث صنع القرار، ورقابة نزيهة تمنع حصول التكتل أو العجز أو المفارقات مستقبلا.وكم هو جميل أن تكون الرؤية حاكمة لعجلة التنمية والعمل والوظائف والتغييرات الجذرية المنطقية في توجهات الشباب وقدراتهم، وتعزيز الثقة بهم، ليس فقط في تسابق الكراسي الإدارية، ولكن ببلوغ التحكم الكامل في مختلف جزئيات وهرمية وظائف التصنيع، والتقنية والتفعيل، والإصلاح، من الصفر.خطوات صندوق الموارد البشرية مبشرة نظريا، وكم نتمنى أن نلمس تمكنها الفعلي الشفاف العادل عبر قياسات عالمية على أرض الواقع في قادم أيامنا.shaheralnahari@