الرأي

أدبيات وظيفية

فهد عبدالله
كثيرة هي السياقات التي يمكن فيها الحديث عن الأجواء الوظيفية، والثقافة التنظيمية، والاحترافية في أداء الأعمال، وغيرها من المواضيع الشيقة التي يمكن الاطلاع عليها والتمرس في مهاراتها.تلك المواضيع قد تُترجم أفضل ما لدى الموظف من خبرات ومعارف ومهارات نحو طريق الإنتاجية الصحيح، وتساهم في تحقيق أهداف وتوجهات المنظمات.ويبدو الحديث هنا متشعبا، حيث قد لا يكون له ساحل، نظرا للكم العلمي والمعرفي الهائل الذي يمكن أن يتلمّسه الفرد من خلال القراءة أو الاستماع أو التجربة والاحتكاك.وأحببت أن أرصد هنا بعضا من التجارب والملامح التي ألاحظها في تجربتي الصغيرة، وأسميتها بـ 'أدبيات وظيفية'.أعتقد أنها تمثل مكارم الأخلاق والسلوكيات الوظيفية التي، لمن يلتمسها، تفتح له أبواب الاحتراف والجنتلة الوظيفية.وبالرغم من كثرة هذه الملامح، سأذكر منها هنا أهم عشرة مفرقة على مقالين كما شاهدتها وعايشتها:أحجار الأساس إن صحّت التسمية؛ والتي إذا توفرت في شخص ما، كان التيسير عظيما لبناء بقية الأدبيات الأخرى.وتشمل هذه الأحجار القوة والأمانة (إن خير من استأجرت القوي الأمين).القوة في الجانب الوظيفي تشمل المعرفة والمهارات، سواء كانت فنية أو إشرافية، مع الحرص على الترقي المهني المستمر في ذلك.أما الأمانة فأساسها الرقابة الذاتية والتمكن من تمييز الصحيح عن الخاطئ وما ينبغي فعله أو تركه.وتبلغ الأمانة ذروتها عندما تعمل بإدراكك للمسؤولية التي تقع على عاتقك، وليس فقط من خلال تحقيق مؤشرات الأداء والأهداف التنظيمية.بذل الاحترام لكل من تتعامل معه، سواء في أدوار وظيفية عليا أو دنيا، سواء داخل المنظمة التي تنتمي إليها أو في المنظمات الأخرى المتأثرة بعملك، وكذلك للزوار وغيرهم.الاحترام يعكس السوية الأخلاقية التي تكتنفك في داخلك، وهو بالضبط ما يضمن استدامة النضج في الأعمال والمخرجات.التطوير الذي يحدث من خلال القنوات الوظيفية، سواء عبر التفاعلات اليومية أومن خلال ما توفره المنظمة من ترقي علمي وفني وإداري على كراسي التدريب، يعد الحد الأدنى للترقي المهني والبناء الشخصي.لكن عملية التطوير يجب أن تأخذ مكانها في نفسك، سواء ضمن ساعات العمل أو خارجها، وهي قصة قديمة وخالدة تبتدئ ببداية الحياة وتنتهي بنهايتها (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات).بالتأكيد سيكون هناك تحديات ومصاعب ستواجهها في بيئات الأعمال ولا يمكن أن يتصور أن هناك بيئة عمل أفلاطونية، بمجرد أن تحاوطك هذه التحديات أرجوك تذكر أمرين، الأول أن شخصية البطل واقعا وصقلا لا يمكن لها أن تكون كذلك وهي في رغد من العيش العملي، والأمر الآخر أن الألفة التي تكونت عبر الزمن مع ذلك الراتب المودع نهاية الشهر جعلت من التناسي لربما يأخذ مكانه لهذه النعمة العظيمة، والتي بالتأكيد ستفقدك الاتزان عند مواجهة التحديات.تجاوز معضلة (الإتقان والكمال)، عندما يختلط معنى الإتقان والكمال في التوجهات والدوافع الداخلية قد يجعل الأعمال تدور في رحى الزمن دون تقدمات ملموسة، الإتقان أن تبذل الوسع والطاقة فيما تعرف وتعلم لتقدم المخرج في وقته المطلوب وبجودته المطلوبة، والكمال هو الحساسية متناهية الدقة في أن يظهر المخرج بلا خطأ، الإشكالية تحدث عندما لا يبذل الوسع في تقديم المخرجات أو النظر للأخطاء كمشوهات للتقدم المطلوب، الحل ببساطة اُبذل الوسع المطلوب واِسعَ فيه للكمال قدر الاستطاعة فقط.وسنكمل بقية الأدبيات في المقال التالي.fahdabdullahz@