الرأي

الذكاء الاصطناعي ومستقبل الوظائف

دخيل سليمان المحمدي
بعدما هدأت أصوات الاحتفالات بذلك الإنجاز الذي حققوه من خلال الذكاء الاصطناعي في برمجة الروبوت لصنع القهوة داخل الكشك وتسليمها للزبون، تعالت نبرات صوت ذلك الرجل قائلا: على ماذا تصفقون ولماذا تحتفلون؟ أتعلمون أن هذا الروبوت اللعين سيجلب لكم البطالة؟

في البداية كنت أتوقعه مازحا وبعدما تأكدت من جديته، فكرت بكلامه وأيقنت أن هذا الرجل نظر إلى الحالة بمنظور وقتي ومن جهة واحدة فقط.

أخي نعلم جميعا أن الذكاء الاصطناعي من أبرز التطورات التكنولوجية في القرن الواحد والعشرين، حيث يشمل قدرة الآلات على التعلم واتخاذ القرارات بناء على تحليل البيانات. على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد أحدث تطورات كبيرة في العديد من المجالات، ونعلم أيضا أن تأثيره على سوق العمل يُعد من أبرز القضايا الجدلية. فمع ازدياد الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة، تظهر تساؤلات حول مستقبل الوظائف التقليدية، وكيف يمكن للمجتمعات التعامل مع هذا التحول مع أتمته الوظائف التقليدية لتحسين الكفاءة وتقليل التكاليف والتي ستحل الروبوتات والبرمجيات الذكية محل العديد من هذه الوظائف، ولكننا للأسف نتجاهل موضوع استحدث الوظائف الجديدة المرتبطة بتطوير وإدارة الذكاء الاصطناعي. في المجالات الهندسية والتحليلات البيانية، وتصاميم الأنظمة والتي ستتطلب متزايدا من المتخصصين.

إن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل جميع الوظائف، بل سيغير طريقة أداء العديد من المهام. على سبيل المثال، في مجالات مثل الطب والتعليم، يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم دعم إضافي للمهنيين، مما يحسن من جودة العمل ويزيد من الكفاءة.

لذلك على الحكومات والشركات إعادة التدريب المهني لإعادة تأهيل العمال المتضررين من هذه الأتمتة، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لتلك الوظائف الجديدة. وعلى الجامعات والمعاهد أيضا تعزيز التعليم التكنولوجي والتركيز على تطوير المهارات الرقمية والتكنولوجية، لضمان جاهزية الأجيال القادمة لسوق العمل المتغير.

فالذكاء الاصطناعي سيستمر في تغيير وجه سوق العمل بطرق لم تكن متوقعة. رغم المخاوف المتعلقة بفقدان الوظائف، إلا أن الفرص الجديدة التي سيخلقها هذا التحول قد تعوض عن الخسائر. المهم هو أن تتبنى الحكومات والشركات سياسات قادرة على حماية العمال وتعزيز الابتكار، لضمان مستقبل اقتصادي مستدام للجميع.