الرأي

مناظر لا إنسانية تذبح ضمير الإنسانية

شاهر النهاري
اعتدنا في شرقنا على عبثية المناوشات الحربية غير المتوازنة، والجماعات الإرهابية، وغطرسة الأيدلوجيا الغيبية، ومواجهات فتك التقنية، تحرق البيوت والشوارع بحثا عما يختبئ فيها من أسلحة وصواريخ وأشرار، تستهدفها أقمار وغارات ومسيرات وصواريخ ذكية وغبية.وعايشنا عنجهية أحزاب إرهابية جبانة تجعل الأطفال والنساء والعجزة، دروعا بشرية مبخس ثمنها.لم يعد الرمز يفهم، ولا التلميح يشفع، بوضوح منتهى البشاعة تسمل الأعين بجمرات الموت.وتقهرنا شدة تعاسة تبلورها الشاشات بتراكم مخاوف وهموم صفوف النازحين، على رؤوسهم ما خف من متعلقاتهم، هاربين لمصير مجهول سرعان ما يتغير وينقلب، بين جور قوى ظالمة مهيمنة بالتقنيات، وعنجهيات حشود وأحزاب متغطرسة، تدعي الخير، وهي خاضعة لأيدلوجيا الغيبيات وأكذوبة المقاومة والطمع في كمشات الأموال، وبالتضحية بأقرب أهاليهم، لصالح جهات خارجية وأوهام ووعود كاذبة بالنصرة تبشر بخروج الغائبين من كهوفهم، ونشور الموتى من لحودهم ليعيدوا ضبط نهايات الحق!وهناك مناظر عبثية أكثر إيلاما بوقوف أشباه البشر، بحسراتهم على بعد خطوات من بيوتهم، يتم قصفها، فينزحون مودعين تواريخهم ومعاني ارتباطهم بالكرامة والأرض وما خزنوه من خصوصيات حياتهم المنكوبة ضمن هباء منثور وسط ركام الشوارع.مناظر موجعة تقهر العقول بما تبقى من مستوصفات ومستشفيات في المناطق المنكوبة تزدحم بالجرحى، وأقاربهم يتلوون يندبون حظوظهم التعيسة، ويترجون فرق الإسعاف والإنقاذ للمسارعة بمساعدة مرضاهم وجرحاهم، وانتشال من كبسوا تحت الأنقاض.مناظر نشاز تذبح إنسانية قلوب وعيون ووعي وضمير البشر، بحسرات الأطفال الأبرياء ومن تبقى من عجزة وأطفال محصورين في المخيمات، والقهر يذلهم أمام أعين الصحافة العالمية تستنطقهم، وتستغلهم حرجا، وهم يحاولون تقديم أوراقهم لمنظمات الغوث والهجرة، برجاء الحصول على وطن بديل يرتضي بهم.مناظر تعاسة مبكية بمشاهدة صفوف من النازحين البائسين يحملون بأيديهم وفوق رؤوسهم أطباقا وقدورا فارغة، مصطفين بالساعات، لعلهم ينالوا مغرفة من قدر كبير، خلطت فيه مكونات قهرهم بالطماطم، فلا يعود يهم طعمها أو نظافتها أو كنهها، طالما أنها ستسكت جوعهم وفاقة المنتظرين خلفهم في حسرة العراء وعزلة الخيام.ومناظر جفوة وحشية باغتيالات قيادات الوهم، وبيع الولاءات وعجب الخيانات، ووجوه وأجسام محترقة، ورقصات البساطير حول بقايا الجثث، تثبت غبائهم وغرورهم وجنونهم.وهنالك آلام مناظر من شملتهم ظلمات الحروب، ومن سيعانون فيها بقية حياتهم، بإعاقاتهم، وما بعد الصدمة يحطم نفسيات تكابد الهوان والخوف والإحباط والضعف النفسي والتهجير، والكره والتشكيك والحرص على العودة للانتقام ولو بكلمات سخط على مواقع التواصل يبادرون بها الصديق قبل العدو، ما يزيد من تجميد بقايا أياد وقفت معهم بالمستطاع!وتكتمل الصور المؤلمة بالهيئات والمنظمات الإنسانية مؤتمرات ومعاهدات، ووقفات شعبية تتحرك عالميا للتخفيف من شدة المناظر، والحماس لا يلبث أن يخمد بغياب الكاميرات.مناظر عقد متراكبة، وكل تجمع عالمي له نواياه وخططه الباطنية، وعمليات تهميش والتفاف على الحقائق البارزة بمظلومية الحروب المفيدة للأقوياء والخبثاء، من لا يرجون حلها بالكامل، حتى لا يفقد النافذون أعمالهم، ومميزات منظماتهم، وسمعتها، ودخلهم من التبرعات والهبات، تنهال عليهم عند كل نكبة، وكل نداء بإعادة البناء بنهاية كل حرب، يحرك دمارها اقتصاد الدول الكبرى، وبغاية سحق وغي مناظر ادعاء الإنسانية.shaheralnahari@