جيل اليوم ونمط الحياة الصحي
الأربعاء / 13 / ربيع الثاني / 1446 هـ - 01:11 - الأربعاء 16 أكتوبر 2024 01:11
لم تعد الحياة كما كانت في الماضي من جميع النواحي ولا سيما في جانب نمط الحياة الصحي، فهيمنة التطور التقني والعولمة فرضا واقعا مختلفا وجديدا أمام الجميع وخصوصا جيل اليوم من الأطفال بمختلف شرائحهم العمرية، ففي الجانب الصحي نجد أن التحديات أصبحت عديدة وكبيرة مقارنة بجيل الأطفال الماضي الذين كانوا يتمتعون بصحة أفضل وبعيدا عن أي أمور تهدد صحتهم.والواقع الجديد المهيمن بثورة التقنيات لا يمكن تجاهله، فكلنا مطالبون بمواكبة هذا التطور وإلا تصبح أمور الحياة أمامنا معقدة، ولكن أن يصل الأمر إلى حد تصبح فيه صحة أطفالنا رهن هذه التكنولوجيا والأمراض المصاحبة لها فهذا الأمر غير مقبول ويجب أن تتداركه الأسر قبل فوات الأوان، فما نشاهده اليوم في عيادات الأطفال يترك أمامنا الكثير من التساؤلات وعلامات التعجب في أين يكمن الخلل، هل في الأبناء أم في الأسر التي لا تهتم بأمر صحة أبنائها، فمعظم الأمراض التي بدأت ترصد في جيل اليوم هي مكتسبة وناتجة عن كثرة استخدام والجلوس أمام التقنيات ومنها (السمنة، قصر النظر، آلام الرقبة، الصداع المزمن، الحرمان من النوم) وغيرها.لا نختلف في أن معظم أطفال جيل اليوم لم يعد يهتم بنمط حياته الصحية ولا سيما في الجانب الغذائي، فنجده بعيدا عن الأكل الصحي ومهتما بالوجبات السريعة والمشروبات الغازية وكل ما لذ وطاب من أطعمة الدهون والسعرات الحرارية، وأيضا غيابهم عن ممارسة أي نشاط رياضي يساعدهم في المحافظة على الوزن المثالي، حتى باتت أجسادهم يكسوها الوزن الزائد ومظهرهم غير رشيق، وما زاد من المعاناة أكثر اتخاذهم الأجهزة والألعاب الالكترونية خير صديق وجليس لهم، فابتعدوا بذلك كثيرا عن واقعهم الاجتماعي وتعمقوا أكثر في عالمهم الافتراضي والخيالي، وترتب على ذلك انعكاسات كثيرة لا يمكن حصرها أو عدها.كما نجد أن معظم الأمراض التي كانت ترصد في كبار السن قبل ثلاثة عقود أصبحت للأسف ترصد الآن في صغار السن، وكمثال بسيط نجد مرض السكري النوع الثاني كان يرصد في كبار السن أيام زمان، أما في وقتنا الحاضر فبدأ ينتشر بكثرة في صغار السن ولا سيما الأطفال اليافعين، بسبب عدم اتباع النمط الصحي وزيادة تعرضهم للسمنة والمشاكل المرتبطة بها.ومن هنا ندرك أهمية نمط الحياة الصحي الذي يشمل مجموعة من المبادئ والسلوك، والأنشطة، والعادات التي تساهم في جعل الجسم في حالة مستقرة وقوية، مما ينعكس أثره إيجابا على الجهاز المناعي ويعزز رفاهية الفرد ويقلل من احتمالية الإصابة بالأمراض بأمر الله، كما يضمن الصحة الجيدة للجسم بعيدا عن ما يؤثر عليها.وتشتمل المكونات الرئيسية لنمط الحياة الصحي على عدة نقاط، منها الأكل الصحي الذي يحتوي على كمية مناسبة من الدهون غير المشبعة والبروتينات والمعادن والفيتامينات والألياف والفواكه والخضراوات ومضادات الأكسدة، بجانب ممارسة الرياضة التي تعزز عمل الدورة الدموية وتحافظ على الوزن المثالي بالإضافة إلى انعكاساتها النفسية في المحافظة على استقرار المزاج، وأيضا النوم الصحي الذي يعد أهم مكونات نمط الحياة الصحي، فحصول الفرد على ساعات النوم وجودته يساعدان على انسيابية عمل هرمونات الجسم بشكل جيد، ومن ذلك هرمونا النمو والميلاتونين، ومن الأمور التي تعزز نمط الحياة الصحي تجنب التوتر والقلق والمشاعر السلبية، فذلك يضمن ويساعد على تحسين جودة الحياة والمحافظة على الصحة النفسية والجسدية.أخيرا.. ومن كل ما سبق ندرك أهمية تطبيق نمط الحياة الصحي لأطفالنا لتفادي المشاكل الصحية على المدى القريب والبعيد، فتعويد الأبناء على القيم الصحية منذ الصغر يبعدهم كثيرا من مهددات الصحة، كما يعزز الفوائد الإيجابية ومنها تعزيز الصحة والمناعة، تحسين المزاج والرفاهية، تجنب مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، زيادة الدافع والثقة بالنفس.