الرأي

شركة المياه يا معالي الوزير

خالد عمر حشوان
الحقيقة أن ما تبذله الدولة لتطوير خدمات المياه للمواطنين والمقيمين وسهولة إيصالها لهم بشكل مستمر يفوق الخيال، ولكن مشكلتنا تكمن في شركة المياه الوطنية القائمة على هذه الخدمات والتي لا ترقى للمستوى المطلوب، حيث تتركز المشكلة في انقطاع المياه وجدول الضخ الذي ما أن ينتظم حتى يعود مرة أخرى للخلف، وهو ما حدث معنا في حي المروة بجدة قبل أسبوعين من انكسار في أحد أنابيب المياه بالشارع الفرعي وبدأت المياه تتسرب على السطح، فبدأنا بالتواصل مع شركة المياه عبر القنوات الرسمية وببلاغ رسمي واستمرت المتابعة لأسبوعين كاملين واضطررنا لتصعيد الشكوى للمسؤولين خوفا من حدوث هبوط أرضي للشارع أو انقطاع للمياه بسبب المشكلة، حتى تم إصلاح الأنبوب، ولكن للأسف توقف ضخ المياه بعد هذا الإصلاح لسبب نجهله تماما، وبدأت خزانات معظم العمائر المجاورة تنفذ من المياه، والتي أغلبها ذات سبعة أدوار، وتم إرسال فريق صيانة من الشركة وهو لا يعلم أين المشكلة (وكل ذلك مثبت لدينا بالمراسلات والصور) ولدى هذا الفريق أكثر من 25 بلاغا لانقطاع المياه حسب إفادة المشرف عليهم، ومما لفت نظري أيضا التسرب الكبير الذي حدث في بداية هذا الأسبوع بشارع أبي حبيب الأنصاري الرئيسي الموصل بين شارع الأمير متعب والأمير ماجد، بحي المروة، والذي تسبب في تدهور الشارع وتعطيل حركة المركبات طيلة أسبوع كامل دون أي حراك من شركة المياه الوطنية حتى يوم الجمعة، مع إيقاف الضخ في المنطقة والتي أثرت على أغلب المباني السكنية المجاورة ذات سبعة وستة أدوار، والتي هي مليئة بالعوائل والأطفال وكبار السن الذين هم في أمس الحاجة للمياه.

بعد انقطاع عن الضخ، تواصلت شخصيا مع الشركة عن طريق الفرع الالكتروني لطلب صهريج مياه، ولكن للأسف لم يتم قبول الطلب بحجة 'الصهاريج في خدمة عملاء آخرين' وهو عذر أقبح من ذنب، حيث كان من الممكن قبول الطلب وإرسال الصهريج في وقت فراغه، ولم أقف عند هذا الحد لطلب صهريج، بل تواصلت معهم يوم الجمعة على الرقم المجاني 8004411110 الساعة 01:40 ظهرا واستمرت المكالمة على الانتظار لأكثر من ثمان دقائق (وهو وقت طويل) حتى أجاب الموظف بعدها برد صاعق وغير مقبول، رغم أنني قمت بإبلاغه بأن الفرع الالكتروني لم يقبل الطلب ولدي ما يثبت ذلك، فأفاد بأن طلب الصهاريج يتم عن طريق التطبيق، وهي خدمة سيئة للأسف بأن لا يتم قبول طلبات المواطنين بهذا الشكل أو على الأقل منحهم الأولوية للحصول على صهاريج بسبب مشكلة إيقاف الضخ، بل قد يسهل ذلك على سماسرة الصهاريج استغلال حاجة الناس للمياه بمضاعفة أسعار الصهاريج للضعفين وأكثر.

يا معالي الوزير إن براعة الشركة ورُقي خدماتها تظهر في المواقف وخدمات الطوارئ للمواطنين والمقيمين، وليست في الخدمات العادية التي يكون فيها الضخ بشكله الطبيعي دون تدخل، بل وأنه لا بد من إلزام الشركة في حالة تأخير إصلاح الخلل والتسريبات في شبكة المياه لأكثر من 24 أو 48 ساعة، تحمّل تكلفة وتأمين صهاريج لكل المباني المتضررة من انقطاع المياه، فنحن والحمد لله في بلد إسلامي عظيم يتوضأ فيه المسلم يوميا خمس مرات وربما أكثر من ذلك، خاصة أننا ما زلنا نعاني من درجات الحرارة خاصة في فترات الظهيرة، وفي موسم دراسي طويل تكثر فيه الحاجة للمياه عن الأيام العادية والإجازات.

لذا فإنني أقترح يا معالي الوزير أن يكون هناك رقابة خاصة ومشددة من وزارة البيئة والمياه والزراعة على نظام الشكاوى في شركة المياه ومتابعتها الكترونيا من قبل الوزارة، خاصة التي يمر عليها 24 أو 48 ساعة دون علاج، وتكون هناك مساءلة عن أسباب التأخير وطلب تبريرات منطقية وعاجلة لهذا التأخير مع تعويض المواطنين والمقيمين بالمياه المجانية من الشركة، وأكاد أجزم يا معالي الوزير لو تم تطبيق ذلك لرأينا حرصا عال المستوى من شركة المياه وخدمات ترتقي لأعلى المستويات، طالما أن هناك تعويضات سيتم دفعها من حساب الشركة وسيؤثر ذلك على أرباحها السنوية، كما أتمنى من الوزارة أن تقوم بعمل أكثر من استبيان عن شركة المياه لمعرفة رأي المواطنين والمقيمين في الخدمات المقدمة من الشركة وعلاج المشاكل والتعامل مع الطوارئ والأزمات، وعدم ترك الشركة تتعامل مع الشكاوى وحدها دون رقيب أو حسيب.

أختم بأهمية الماء الذي ذكره الله تعالى في كتابه ثلاثا وستين مرة وبعدة أوصاف مختلفة، والذي تتحقق به الحياة بفضل الله، حيث إن الإنسان يستطيع العيش دون طعام بينما لا يستطيع الحياة دون ماء، وهو حق لكل مسلم جعلته الشريعة الإسلامية من الأملاك المشتركة بين المسلمين كما قال المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام 'المسلمون شركاء في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار' (الألباني - صحيح الترغيب)، ومعنى الكلأ: أي شركاء في المراعي والأعشاب التي لا يملكها أحد في الأرض الموات.