الرأي

المهمشون والتقاعد المبكر هو الحل

عمر العمري
أعتقد أنه بدأت أقترب من هذه الفئة الغالية من الموظفين الذين خدمتهم تتراوح بين 20 سنة حتى 25 سنة وأكثر، وبدأت أتفهم أكثر الصعوبات والضغوطات التي يعانون منها في بيئات العمل، والتفكير الجاد في التقاعد المبكر، في ظل انخفاض جودة بيئة العمل ونقص الرضى الوظيفي والحوافز المادية أو المعنوية لهم، وسيطرة القيادات الشابة على المناصب الإدارية مع عدم اعتراضي على تولي الشباب الموظفين الأصغر سنا لأي منصب إداري أو قيادي إذا كان كفئا وقادرا على تحقيق أهداف المنشأة والمصلحة العامة، وأصبحوا يشعرون أن بيئة العمل تعاقبهم من خلال نوعية العمل المسندة إليهم وغير المناسبة لخبراتهم أو مرحلتهم العمرية، يتخلل ذلك عدم احترام مساحاتهم الفيزيائية في توفير مكتب يليق بهم أو مساعد إداري لرفع جودة الأعمال الإدارية لديهم، وأصبح الأمر منوطا حقيقة بمستوى درجة الاحترام أو الرغبة لدى هذا المسؤول أو ذاك في كيفية تقدير هذه الفئة أو استثمارهم، أنا شخصيا أصنفهم من كبار الموظفين قدرا وعمرا وخبرة، لأنه حتى إن لم يتولوا مناصب إدارية فهم الأشخاص نفسهم بالقدر نفسه وبسنوات الخبرة والنفع والفائدة نفسها، ولكن أيضا أين النظام الذي يحفظ لكل واحد حقه وخاصة لهذه الفئة، من القدر الكافي من التقدير والاحترام، ولهذه السنوات من الخبرة والعمل وعدم تهميشهم أو تجاهلهم كما هو حاصل الآن.هذه الفئة تعاني وتعيش المرحلة الصعبة دون التفاتة لهم أو لظروفهم في بيئات العمل، أو مراعاة لأوضاعهم الاجتماعية أو لحالاتهم الصحية أو النفسية وتقليل مستويات الاحتراق الوظيفي، أو لتحقيق جزء من مبادرات جودة الحياة في بيئات العمل، التي دشنت في أوقات سابقة، وتدعيه الكثير من الجهات الحكومية أو الخاصة، وأصبحت حبرا على ورق أو للأغراض الإعلامية فقط وإبراز المسؤول، والجميع يتفق أن هذه الفئة هم الأحق بذلك.. لكن هي الأنا المتضخمة لدى بعض المسؤولين.وفي الوقت نفسه كيفية الاستفادة منهم والاستثمار الأمثل لخبراتهم ومهاراتهم بأعمال نوعية، والمشاركة في القرارات، وعرض على المتميزين منهم مناصب إدارية أو قيادية لفريق العمل، وكيفية تطوريهم المهني والعلمي من خلال ندبهم لدورات نوعية داخلية أو خارجية، أو حثهم على إكمال الدراسات العليا الماجستير والدكتوراه عن طريق عمل شراكات واتفاقات لبرامج تنفيذية متطورة مع الجامعات، من خلال القبول المباشر لهم للمصلحة العامة، لأن الجامعات لديها صعوبات أكثر وعقد أعمق في هذه الجوانب، ولا تريد ذلك ولم تطور منسوبيها من باب أولى فكيف بالآخرين، ولكي نصل إلى الكيفية الممكنة إذا أردنا المصلحة العامة في إعادة تدوير هؤلاء من خلال خلق حياة عمل جديدة لهم وحثهم على الاستمرار في العمل والاستفادة منهم لعدد سنوات قادمة ووقف تسرب الخبرات والكفاءات التي بدأنا نرى بعض سلبياتها على ميادين العمل.ما نطرحه اليوم يتسق مع ما يطالب به مجلس الشورى وللمرة الثانية دراسة أسباب ارتفاع طلبات التقاعد المبكر ووضع الحلول التي تشجع الأفراد على البقاء في العمل، وحتى الآن لا جديد في هذا الموضوع المهم، وهل رفع سن التقاعد المبكر حتى (30) عاما وإجبارهم على الاستمرار هو الحل، دون النظر لظروف بيئة العمل أو الموظفين؟ وهل له الأثر الإيجابي على بيئات العمل في ظل وضعها الحالي؟ وما هي الانعكاسات السلبية من هذا القرار إذا استمرت بيئات العمل على ما هو عليه الآن؟أكدت الدراسة العلمية التي أجريت في الدنمارك 2009 أن بيئة العمل تلعب دورا كبيرا في الإقبال بشكل جاد على التقاعد المبكر، كما ذهبت دراسة أخرى سعودية 2021 في نتائجها لعدد من التوصيات تهدف لتأخير التقاعد المبكر وهي تطبيق ساعات العمل المرنة، والعمل في نوبات أقصر أو بدوام جزئي، وتقديم برامج للتنمية المهنية، ومنح المزيد من التقدير والاحترام، ووجدت أن الموظفين مع تقدم السنوات يبحثون عن المزيد من الوقت الحر لقضائه مع أصدقائهم وعائلاتهم، وتعويض ما فات من حياتهم الاجتماعية ومحاولة خلق توازن بين ضغوطات العمل والاستمتاع بحياتهم، لذا أوصت الكثير من الدراسات العالمية إلى تقليص ساعات العمل لهؤلاء الموظفين المتقدمين في سنوات عملهم، وترك مساحة أرحب لحياتهم الشخصية أو الاجتماعية والأسرية.لذا أقترح أن يتم إعادة النظر والاستثمار لهذه الفئة الغالية وتأخير رغبتهم في التقاعد المبكر من خلال خلق بيئات عمل أكثر حيوية، ومنحهم المزيد من التقدير والاحترام والحوافز المادية والمعنوية، وتنميتهم مهنيا وإعطائهم الحق في القبول المباشر في الدراسات العليا لمن يريد، وتقليص ساعات العمل أو تطبيق العمل المرن لهم، وإشراكهم في اللجان والقرارات الإدارية، ومضاعفة استحقاقهم من الإجازات، وتوفير التأمين الطبي مراعاة لظروفهم الصحية، وترك مساحات أرحب لحياتهم الاجتماعية.3OMRAL3MRI@