أكتب مرارا، وأحذف تكرارا
الثلاثاء / 28 / ربيع الأول / 1446 هـ - 04:22 - الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 04:22
فالأحداث اللبنانية تسابق دقات الساعة، بهجمات إسرائيلية شنيعة، استكمالا لما اقترفته في غزة، مستهدفة جنوب ووسط لبنان، وبما يشابه ألعاب الإثارة الالكترونية، بداية بتفجيرات أجهزة الاتصالات، ثم قصف مواقع حزب الله، وتصفية قياداته، والانتهاء بقتل حسن نصر الله، ما يجعلني أتردد في نشر المقال بطريقة منطقية محدثة!هل أكتب بنفس ما تنقله وتؤكده قناة الجزيرة وأبناؤها المنظرون بانتصار الحزب، وكأنهم ليسوا في عالمنا!أم أكتب بما تقول العربية، أو كما تؤكد القنوات العالمية، أو كما تذيع إيران المنكمشة في قوقعة خوفها، وباستعدادها لبيع أعز أحزابها، ولا يفشل مشروع قنبلتها النووية.هل أكتب بما تقوله أمريكا الملهية حاليا بحروب حزبيها الحائرين بين ضحكة كمالا هاريس وأذن دونالد ترامب؟هل أكتب بمشاعر اللبنانيين النازحين يطرقون أبواب السوريين، وهم يرجون معاملة أفضل من معاملتهم السابقة مع نازحي سوريا؟هل أكتب عن الحشد الشعبي في العراق، وهو يهدد بضجيج وعدة طراطيع يطلقها، أم صوت الحوثي المرتعب مما شاهد من جدية وقسوة عمليات استئصال قيادات حزب نصر الله؟هل أكتب عن الشعب اللبناني بكل فئاته؟ المنتهكة حدودهم وسياستهم، ما يجعلهم يتأملون أن تسنح لهم فرصة الأزمة الحالية بالتخلص من الحزب والهيمنة الفارسية الخبيثة.هل أكتب عن دروع بشرية من أجساد اللبنانيين تم التضحية بهم في منازل مجاورة لمخازن الذخائر ومراقد الصواريخ ومحطات الإطلاق ومواقع تجمعات الحزب؟هل أكتب عن الدول العربية وجامعتها والدول الأوربية والصديقة، ممن يئسوا من كثرة تعنت الحزب، وتهديداته وتدخلاته بالخلايا النائمة والمخدرات في سائر الدول، ما حرم لبنان من علاقات جيرة طبيعية، بل وصعب على لبنان اختيار رئيس للبلاد، وتسيير أعمال الحكومة.هل أكتب عن فوضى وسلام ضائع في الشرق الأوسط، وحروب عطشى تتغذى على دماء الأبرياء، وتهجيرهم على أضعف صور التشرذم بأيادي الخونة المستفيدين من كل خلاف؟يقيني أنني سأظل أكتب وأشطب، فالأحداث أسرع من النقر على لوحة المفاتيح.وأنا معذور، فمهما أعملت جهدي، لن أتمكن برأيي من إقناع مجتمعات وفئات عربية متناحرة عقلا ومذهبا ودينا وعروبة وتخندقا في ممرات العداء العربي الاسرائيلي، والطاغي بشتاته وسبابه على مواقع التواصل.الرأي المتسرع هنا سيجعل المقال مغبة غبار، وخلطا مسموما، محبطا قاتلا، وحيرة للعقول وتجهيل شعوب تتفق على ألا تتفق.الحكومة اللبنانية، هذا إن جاز لنا تسميتها بالحكومة، والجيش اللبناني الذي يقف حائرا عن حماية الوطن اللبناني هما بصيص الأمل المتبقي، ومن يتوقع محبو لبنان منهما سرعة وحكمة التصرف، فهي فرصة لن تتكرر، لاتخاذ القرارات الحاسمة بالتوحد، وتحديد أولويات لبنان وشعبه، وتوجهات السلام، ومنع العدو الإسرائيلي من التمادي في استباحة الأرض والعرض، وضرورة تحييد من تبقى من الحزب الشيطاني الخاضع لإيران، وإبعاد منسوبيه من المسؤولية السياسية، وتجميد أعمال الحزب الحربية، والسيطرة على مقار أعمالهم المتبقية، وحراسة المطار والموانئ، لمنع إيران من أي محاولات تدخلات جديدة لفائدتها البحتة.الوطن اللبناني موعود بالنجاة، ولا بد من العودة لأحضان أصدقاء لبنان المخلصين، من يمكنهم مساعدة الحكومة في الرسوخ، وتمكين الوطن اللبناني من استعاده الكرامة لأرضه وشعبه وتاريخه وولاءاته وكينونته. نتمنى.shaheralnahari@