التخطيط وفلسفة جودة الحياة بين الفضيلة والملذات!
السبت / 25 / ربيع الأول / 1446 هـ - 21:51 - السبت 28 سبتمبر 2024 21:51
مفهوم جودة الحياة يعد أحد المفاهيم التي انتشرت على نطاق واسع في العقود القليلة الماضية، ولا سيما في سياق التطورات المتسارعة التي تشهدها المدن نحو إنتاج بيئات عمرانية تلبي أهداف الإنسان وتعزز علاقاته الاجتماعية وقدرته الاقتصادية. ومن الملاحظ أن العديد من الباحثين يخلط ما بين مفهوم 'جودة الحياة' و'جودة البيئة العمرانية'. كما يعتقد البعض أن إنتاج بيئات عمرانية بجودة عالية يحقق ضمنا جودة الحياة، وهذا تصور غير دقيق وأقرب للسذاجة.
إن 'جودة الحياة' يعد من المفاهيم المعقدة؛ لأنه مرتبط بأهداف الإنسان تجاه الحياة نفسها والتي تتغير وفقا للعامل الزمني، فقد يسعى الشاب للحصول على وظيفة أو زوجة أو مسكن؛ أما كبير السن فيطمح بالصحة والراحة.
تاريخيا، مصطلح جودة الحياة لا يعد مصطلحا جديدا، بل أشار له العديد من الفلاسفة مثل أرسطو الذي كتب عن 'الحياة الطيبة' The good life ليؤكد أن جودة الحياة تبدأ من فهمنا للهدف من هذه الحياة. نحن نستخدم وسائل لتحقيق غايات وأهداف متعددة تصب في النهاية إلى هدف واحد وهو الهدف الأسمى للحياة. فعندما تخطط للحصول على تعليم متميز فهذا هدف؛ وفي الوقت نفسه يعد وسيلة بحد ذاتها لتحقيق هدف الحصول على وظيفة مرموقة، ولكن الوظيفة المرموقة هي أيضا وسيلة للحصول على مكانة اجتماعية؛ إنها سلسلة لا متناهية من الأهداف تقود إلى غاية واحدة.
السعي نحو تحقيق هذه الأهداف الثانوية ضمن إطار برنامج زمني يعد بمثابة تخطيط لتحقيق الهدف الأسمى للحياة. الجميع يخطط للعيش ولكننا نحتاج إلى خطة شاملة تهدف إلى تحقيق الغاية النهائية للحياة.
التساؤل المشروع الذي طرحه أرسطو تمحور حول الغاية النهائية للحياة، أي نهاية هذه السلسلة من الأهداف والوسائل؟ والتي يراها هو في 'الحياة الطيبة'، وهي تختلف عن 'الحياة المطلقة' فلكي نعيش الحياة المطلقة نحتاج إلى الأكل، والشرب والملابس والمأوى؛ ولكن هذه الحياة ليست هدفا؛ بل هي بحد ذاتها وسيلة لتحقيق هدف الحياة الطيبة. يقول الله تعالى (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة). وقال أبو صلاح في تفسير القرطبي: جلس ناس من أهل التوراة وناس من أهل الإنجيل وناس من أهل الأوثان، فقال هؤلاء: نحن أفضل، وقال هؤلاء: نحن أفضل، فنزلت الآية. ومن هنا يبدأ تعقيد مفهوم جودة الحياة، أي من اختلاف أهداف الأفراد والجماعات فالبعض يفسر الحياة الطيبة بامتلاك السلطة أو المال أو الملذات الجسدية، وهو ما يصعب من إيجاد خطة شاملة لكل الأطياف، ومع ذلك يرى أرسطو أن هناك رغبات مشتركة للجميع يمكن العمل عليها في سياق تطوير خطة للحياة الطيبة، وهي الخيرات الجسدية مثل الصحة والقوة البدنية، والخيرات الخارجية مثل الأكل والشرب، والخيرات الروحية مثل المعرفة والمهارة وتقدير الذات. الخيرات الجسدية والخارجية هي موارد محدودة وبالتالي يمكن وضع خطة مستدامة لا تؤدي إلى استنزاف الموارد أو تعطيلها.
في المقابل فإن معرفتنا لماهية الحياة الطيبة ليست كافية لعيش حياة طيبة بالفعل؟ فقد يفرط البعض في الملذات الجسدية حتى يصاب بالمرض؛ ومن هنا لا بد من تنمية الشخصية الأخلاقية الطيبة أو 'الفضيلة' للسكان، ومنها تتحقق الحياة الطيبة ثم نسمو بالمدينة؛ وهو ما عبرت عنه صراحة الآية المذكورة أعلاه.
ختاما، لا بد للمدينة أن تعمل على تطوير سياسات عمرانية تكرس مفهوم العادات الطيبة والفضائل، من خلال خلق أنماط عمرانية تساهم في تطوير نمط حياتنا وعاداتنا إلى الأفضل؛ هذه العادات تقود إلى اختيارات رشيدة تجعلنا في نهاية المطاف نعيش جودة الحياة.
إن 'جودة الحياة' يعد من المفاهيم المعقدة؛ لأنه مرتبط بأهداف الإنسان تجاه الحياة نفسها والتي تتغير وفقا للعامل الزمني، فقد يسعى الشاب للحصول على وظيفة أو زوجة أو مسكن؛ أما كبير السن فيطمح بالصحة والراحة.
تاريخيا، مصطلح جودة الحياة لا يعد مصطلحا جديدا، بل أشار له العديد من الفلاسفة مثل أرسطو الذي كتب عن 'الحياة الطيبة' The good life ليؤكد أن جودة الحياة تبدأ من فهمنا للهدف من هذه الحياة. نحن نستخدم وسائل لتحقيق غايات وأهداف متعددة تصب في النهاية إلى هدف واحد وهو الهدف الأسمى للحياة. فعندما تخطط للحصول على تعليم متميز فهذا هدف؛ وفي الوقت نفسه يعد وسيلة بحد ذاتها لتحقيق هدف الحصول على وظيفة مرموقة، ولكن الوظيفة المرموقة هي أيضا وسيلة للحصول على مكانة اجتماعية؛ إنها سلسلة لا متناهية من الأهداف تقود إلى غاية واحدة.
السعي نحو تحقيق هذه الأهداف الثانوية ضمن إطار برنامج زمني يعد بمثابة تخطيط لتحقيق الهدف الأسمى للحياة. الجميع يخطط للعيش ولكننا نحتاج إلى خطة شاملة تهدف إلى تحقيق الغاية النهائية للحياة.
التساؤل المشروع الذي طرحه أرسطو تمحور حول الغاية النهائية للحياة، أي نهاية هذه السلسلة من الأهداف والوسائل؟ والتي يراها هو في 'الحياة الطيبة'، وهي تختلف عن 'الحياة المطلقة' فلكي نعيش الحياة المطلقة نحتاج إلى الأكل، والشرب والملابس والمأوى؛ ولكن هذه الحياة ليست هدفا؛ بل هي بحد ذاتها وسيلة لتحقيق هدف الحياة الطيبة. يقول الله تعالى (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة). وقال أبو صلاح في تفسير القرطبي: جلس ناس من أهل التوراة وناس من أهل الإنجيل وناس من أهل الأوثان، فقال هؤلاء: نحن أفضل، وقال هؤلاء: نحن أفضل، فنزلت الآية. ومن هنا يبدأ تعقيد مفهوم جودة الحياة، أي من اختلاف أهداف الأفراد والجماعات فالبعض يفسر الحياة الطيبة بامتلاك السلطة أو المال أو الملذات الجسدية، وهو ما يصعب من إيجاد خطة شاملة لكل الأطياف، ومع ذلك يرى أرسطو أن هناك رغبات مشتركة للجميع يمكن العمل عليها في سياق تطوير خطة للحياة الطيبة، وهي الخيرات الجسدية مثل الصحة والقوة البدنية، والخيرات الخارجية مثل الأكل والشرب، والخيرات الروحية مثل المعرفة والمهارة وتقدير الذات. الخيرات الجسدية والخارجية هي موارد محدودة وبالتالي يمكن وضع خطة مستدامة لا تؤدي إلى استنزاف الموارد أو تعطيلها.
في المقابل فإن معرفتنا لماهية الحياة الطيبة ليست كافية لعيش حياة طيبة بالفعل؟ فقد يفرط البعض في الملذات الجسدية حتى يصاب بالمرض؛ ومن هنا لا بد من تنمية الشخصية الأخلاقية الطيبة أو 'الفضيلة' للسكان، ومنها تتحقق الحياة الطيبة ثم نسمو بالمدينة؛ وهو ما عبرت عنه صراحة الآية المذكورة أعلاه.
ختاما، لا بد للمدينة أن تعمل على تطوير سياسات عمرانية تكرس مفهوم العادات الطيبة والفضائل، من خلال خلق أنماط عمرانية تساهم في تطوير نمط حياتنا وعاداتنا إلى الأفضل؛ هذه العادات تقود إلى اختيارات رشيدة تجعلنا في نهاية المطاف نعيش جودة الحياة.