الرأي

ذكرى الوطن: أرض وقيادة وشعب

علي المطوع
نعود من جديد لنكتب عن اليوم العظيم، يومنا الوطني الأصيل بأصالة هذه الأرض وأصالة إنسانها الكريم، وثباته وصبره منذ أن بدأت بواكير تشكيل هذه الوحدة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز.

تاريخ هذه البلاد ليس وهما أو خيالا، في بدايته كان حلما حمله الرجال، وفي مرحلة بنائه كانت الأرواح ثمنا قدم في سبيل هذا المشروع العظيم، كانت الجزيرة العربية تغط في سبات من الفوضى عميق، وكانت حواضرها تعد على الأصابع، وكان أمنها مستباحا، فالقوي يأكل الضعيف، والهجر معزولة عن بعضها، وأكثر المدن كانت في حالة شقاء مع المرض والجهل والخوف المديد.

أراد الله لهذه الأرض تاريخا جديدا، وفصلا من فصول العز والكرامة والإباء، فكان عبدالعزيز إرادة الله التي بها تحقق لم هذا الشتات، فكان يستبصر بعقله النافذ وذكائه الفطري مستقبل هذا الكيان قبل أن يكتمل، فكان قائده الأول الذي حقق وحدته وجعله وطنا مستقلا، له صفته المعتبرة أمام العالم وخصائصه المتفردة التي جعلته الوطن الأهم بين الأوطان.

أما سر الأهمية فيكمن في الحرمين الشريفين وتاريخهما الإسلامي المديد، والموقع الاستراتيجي الفريد، ثم يأتي دور إنسانه الذي عاش مرارات الفرقة والعزلة، ثم أذن الله لهذا الإنسان ليكون أيقونة حضارية فاعلة وناجحة، تستمد قوتها من تاريخه الإسلامي العظيم وحاضره المستنير ومستقبله المشرق.

من كان يصدق أن هذا البلد مترامي الأطراف سيصبح الفكرة الأكثر نجاحا في تاريخ العرب الحديث، ففي خلال عقود زمنية بسيطة، تغير مسار هذه الأرض وسيرتها لتقتحم الصفوف الأولى بعد أن كانت معزولة عن العالم تعيش الفوضى والتهميش والقهر.

منح الله هذه البلاد شرف المكان والزمان، فهي قبلة لملياري إنسان، الكعبة المشرفة مهوى أفئدتهم ومسجد الرسول الأعظم؛ منتهى أملهم وغاية أمانيهم الصلاة فيه، وزيارة مثوى نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهنا تتأكد فرادة السعودية وتميزها وأصالة شعبها وقداسة أماكنها التي كانت وستظل في قلوب قادتها وبرعايتهم وإيمان شعبها العظيم الذي كان وما زال يشرف بالحرمين الشريفين خدمة ومكانا ومكانة.

في ذكرى الوطن يتجدد العهد لهذه الأرض من قيادتها وشعبها، بالمضي قدما في بناء هذا الإنسان، كونه المستهدف الأساس من كل خطط البناء، وهذا ما فطنت له قيادتنا الرشيدة منذ عهد الملك المؤسس، مرورا بأبنائه البررة وصولا إلى ملكنا العظيم سلمان، وولي عهده الكريم محمد صاحب الطموحات الكبيرة والنقلات الحضارية الحاضرة والمنتظرة، وهذا ليس بغريب على قيادة آثرت البعد عن أساليب الكلام، وسخرت نفسها لخدمة هذا الكيان الذي نحتفل اليوم بعيده الوطني العظيم الرابع والتسعين.