الرأي

سلامة المرضى من سلامة المهنيين الصحيين

زهير ياسين آل طه
يوم 17 أيلول / سبتمبر هو اليوم العالمي لسلامة المرضى، والذي لم يجتز على السلك الصحي ولا علي شخصيا هذا العام اجتيازا عاديا، لذلك اختط قلمي كلمات تعبر عن ما يكنه قلبي من حرقة وألم مما يحدث من أخطاء طبية وتقصير، فقد توشحت وزارة الصحة بفرعها في المنطقة الشرقية كمثال باللون البرتقالي، مشيدا به ومشيرا له الدكتور فارس الهمزاني مدير الفرع في موقع اللينكدين وغيره، لإبراز أهمية التشخيص الطبي الصحيح من أجل سلامة المرضى، ولي مع الدكتور فارس تجربة قريبة جدا من الاهتمام المباشر، والذي ينم عن صدق والتزام وإحساس مسؤول بموقعه الحساس، وسأتناولها لاحقا باختصار للعبرة والتنبيه لعدم تكرارها، لأنها تمثل هدف ومضمون اليوم العالمي بحذافيره من ناحية التشخيص والرعاية المطلوبة، وقد وقعت قبله بعدة أيام، وتعتبر متزامنة معه، كون الحدث لا يزال قائما وتأثيره شبه كارثي.

وأما التنويه بأهمية الاحتفال بهذا اليوم عالميا وسنويا لكونه مناسبة تذكيرية وتعزيزية للوعي العام والتعاون بين المرضى والمهنيين الصحيين وصانعي السياسات وقادة الرعاية الصحية، 'وعلى رأسهم المركز السعودي لسلامة المرضى، الذي يشير في موقعه إلى أنه الأول من نوعه في المنطقة بأسرها حينما تأسس عام 2017 كما يذكر عن نفسه وعن رؤيته ورسالته وقيمه'؛ فهو يهدف لتحسين سلامة المرضى والحد من الأخطاء الطبية والتقصير، لأجل التطوير والتحسين المستمر، وقد حددت منظمة الصحة العالمية هذا العام 2024 موضوعا وعنوانا له وهو 'تحسين التشخيص من أجل سلامة المرضى' تحت شعار 'أحسنوا التشخيص، حافظوا على السلامة!'، مما يبرز الأهمية الحيوية للتشخيص الدقيق وفي الوقت المناسب لضمان سلامة المرضى وتحسين النتائج الصحية.

والتشخيص مهم جدا لتحديد المشكلة الصحية للمريض، وهو الأساس للحصول على الرعاية والعلاج المناسبين، بينما يشير الخطأ التشخيصي إلى الفشل في الوصول إلى تفسير صحيح للمشكلة الصحية في الوقت المناسب، وقد يشمل ذلك التشخيصات المتأخرة أو غير الصحيحة أو الفائتة، أو عدم إبلاغ المريض بالتفسير التشخيصي، ويمكن تحسين السلامة التشخيصية بشكل كبير من خلال معالجة المشكلات الهيكلية والعوامل المعرفية التي قد تؤدي إلى الأخطاء التشخيصية، وتشمل تلك العوامل الهيكلية نقاط الضعف التنظيمية التي تسهل حدوث الأخطاء، مثل إخفاقات التواصل بين المهنيين الصحيين أو بينهم وبين المرضى، وأعباء العمل الثقيلة، وعدم فعالية العمل الجماعي، أما العوامل المعرفية فتتعلق بتدريب الأطباء وخبراتهم، بالإضافة إلى الميل إلى التحيزات والتعب والإجهاد.

'ملاحظة جوهرية' تحتاج عناية الوزارة وتوجيهها، لتعطي بعدالة الجوانب كافة حقها في السلامة وبما يخص نقاط الضعف التنظيمية الهيكلية والمؤثرة سلبا على المعرفية وعلى سلامة ومهارة المهنيين الصحيين، وتشهدها حاليا بعض قرارات التجمعات الصحية في التشديد على ضبط ساعات العمل، ومن غير إدراك ووعي إداري واضح لخطورته بعيدة المدى، ولا تمثله منظومة القيادة العلمية الحقيقية للأعمال التي تنظر للكيف لا للكم، بمعنى الجودة والإبداع والابتكار وتحقيق حقيقي لمعنى جودة الحياة التي تؤصلها وتؤطرها وتحكمها الرؤية المباركة 2030؛ ومن تلك القرارات العمل لساعات طويلة، وعدم توفر الكوادر الكافية والتوظيف، وأوقات بدء الأعمال غير المتناسبة للبعض وغير المرنة قبل بدء أوقات الآخرين من مؤسسات ودوائر حكومية، والتي لا يتم التنسيق فيها مع الجهات الأخرى، وتسبب الزحام والاختناقات في الطرق والتوتر للممارسين بسببها قبل الوصول لمواقعهم، وهم نسبة كبيرة لا يستهان بعددهم ووجودهم في الوقت نفسه مع الآخرين، والطرق تشهد.

أما الحدث المؤلم والتجربة التي أشرت بتناولها باختصار في البداية كونها تجربة حية وقريبة مرتبطة باليوم العالمي لسلامة المرضى المعني أيضا بسلامة ومهنية وكفاءة الممارسين الصحيين، وهي لا تزال قيد الترتيب مع الوزارة تحت عناية مدير فرعها في المنطقة الشرقية لمتابعتها معهم لأعز إنسان لدي وهي والدتي الله يحفظها، والتي تعرضت لمشكلة صحية خطرة نقلت على إثرها لمستشفى جديد الافتتاح وقريب من موقع الحدث الصحي، لكن الأمر في الطوارئ لديهم كانت تشوبه أخطاء طبية وتقصير وتأخير في اتخاذ الإجراءات وتوتر وارتباك في الكادر لحداثته، يلاحظها من لديهم خبرة وحتى من ليس لديهم، أدت لتفاقم وضعها الصحي بعد تخفيض حاد للضغط كإجراء مفترض أن يكون تدريجا وبجرعات مدروسة للتخفيض مع عدم تدوينه في التقرير بالرغم من ملاحظته مباشرة من المرافقين، والذي أدخلها في اللاوعي وشبه شلل نصفي كأحد الأسباب العلمية الطبية الموثقة عالميا بعد أن كانت في وعيها، وللأسف من خلال التواصل واللقاء مع إدارة المستشفى اتضح أنه لا يملك القدرة الكاملة ولا الإمكانات ولا الطاقم المتعدد القريب للحضور للإسعاف لاستقبال حالات الطوارئ الخطرة، ولم يعلن أصلا أنه لا يستطيع لينقل أي مريض لفرع آخر له في وقت مناسب، بالرغم أنهم قد أبلغوا الهلال الأحمر بذلك حسب تصريحهم في اللقاء، ولا أعلم بقانونية فرض الإعلان على أي مستشفى بعدم القدرة ونشره في أي مكان، خاصة في مداخل الطوارئ لمعرفة الأمر لتفادي النقل الخاص الفردي لهم.

وهذه التجربة وغيرها الكثير ممن يستحقون التدقيق بسبب الآثار الجانبية كامنة الخطورة، هي رسالة مهمة توجه إلى من يخصهم الأمر والمعنيين في وزارة الصحة والمركز السعودي لسلامة المرضى، لتحقيق مصداقية الاحتفال والتوعية به والتأكيد على اتباع أهدافه، بمقترح وضع الأمثلة الكثيرة من الأخطاء وسردها في جداول توضع في كل الطوارئ للرجوع والتثقيف الدوري اليومي، وقد يتم التثقيف من خلال النقل المتكرر بالروابط في المواقع والرسائل بقصص حية يتم صياغتها بالطرق الإخراجية الجميلة التوعوية غير المخيفة لعدم إثارة الرعب، وتعتمد أيضا في مواقع وشاشات متعددة في المستشفيات والمراكز الصحية، ليعلم الجميع ما له وما عليه وما على غيره، لأجل الاحترام والثقة لتخفيف ردود الفعل من الأخطاء المشتبه بها، والتي قد تكون إجراءات سليمة وليست أخطاء قد يفهمها المريض ومرافقوه.