الرأي

تأطير مستويات الصراع في العمل

شاهر النهاري
يتم في العمل الحكومي أو في خبايا الشركات الكبرى أشكال من الصراع، أحدها يقع بين موظف وطني وبين متعاقدين، قد يضنون على السعودي بخبراتهم، وقد يكون لهم تكتل يحميهم ويجبر عثراتهم بسرية تامة.والنوع الثاني صراع السعودي مع أقرانه الموظفين، والذي يمكن أن يدخل مجالات المنافسة الحميدة والتميز، أو بمنتهى الكره وتشويه السمعة والتعنصر.وهذا كله يمكن متابعته ومعالجته بوجود جهاز إداري واعٍ، عادل، يسارع بالتدخل لخلق الحدود والتوازن وإخماد الصراعات، لضمان تطبيق النظام واحترام التخصص والإنتاجية في العمل.ومعظم جهات العمل تمتلك أجهزة رقابة داخلية وموارد بشرية وإدارات قانونية تمنع التجاوزات، وتتدخل عند الضرورة لتمكين الموظف من حقوقه لا معتدٍ، ولا مظلوم.ولكن وعندما يكون الصراع بين المدير وبعض موظفيه، ممن أغضبوه سواء بالخروج عن القوانين، أو حتى في التزامهم بالأمور النظامية!نجد المدير المتسلط يقعد لهم، ويضايقهم في عيشتهم، ويهين مقامهم، ويحرمهم من الفرص والمميزات، ويضع بينه وبينهم بطانة أقل علما وخبرة، لإضعاف كلمتهم، وجعلهم تحت ضغوط عمل هامشي لا ينتهي، أو تركهم يهشون الذباب.ومثل هذا العمل يشجع المتملقين لانتهاز الفرصة والعمل على تشويه سمعة المبعدين، والترقي عند المدير الجامح الذي يفهم الخلاف في العمل إهانة شخصية لمقامه.شكوى الموظف المظلوم تعد سابقة له بالشغب، والمدير بلدوزر كبرياء ربما يتمادى ويزيد التهميش والإبعاد.بعض المديرين ليسوا واثقين من مكانتهم وعلمهم وحسن صنيعهم وإدارتهم، فيظلون يخشون المنافسة من أصحاب الكفاءات والمتميزين، وكعمل احترازي يقربون صاحب الطاعة العمياء، ويمكنونه من مفاصل السيطرة والترقي ويكلفونه بمهمة تخليصهم ممن يهدد مكانتهم.والمدير المستقوي خير من يبرع في صناعة بطانته من أقاربه، والمنافقين، وناقلي الكلام، والمادحين الكاذبين، ما يوسع الفجوة بينه وبين أغلب الموظفين الحريصين على جودة العمل، فتحتدم الصراعات، ويصبح نتاج العمل صوريا، تبادر البطانة لإبرازه بزيف الإعلام والمبادرات، وشهادات المشاهير البعيدين كل البعد عن حقيقة الجدوى.والبعض من المديرين محميون بكراسي أعلى منهم، فيلعبون الشطرنج بموظفيهم، ويفرضون القيمة الوهمية، ويحطمون القوانين.هم، ومن بعدهم الطوفان.يسخطون قوانين العمل دون منهجية لتتناسب مع طموحاتهم، وهم ممعنون في صنع نظامهم الخاص، وذبح العدالة، بمؤسسات يعدونها غنائمهم الخاصة ولا يتوقفون، إلا بعد فضيحة عظمى، وتدخل من نزاهة.أغلب الجهات الرقابية الداخلية لا تتدخل إلا بوجود شكاوى من المتظلمين، أو انكشاف قضايا الفساد المركبة، والتي تطفو على السطح.نحن نعيش في وطن تتساوى فيه الرؤوس، ولا تتمايز إلا بحسن ودقة العمل، ولا مجال لقياس قيمة الوظيفة بلون أو جنس أو عرق من يتولاها.والمدير إنسان، يحتاج للثقة فعلا، وللرقابة اللصيقة في الوقت نفسه، حتى يثبت أمانته وتمام مسؤوليته بالعمل لصالح الدولة والمواطن المستفيد من خدمات المؤسسة، متحملا مسؤولياته الإدارية والقيادية والتطويرية، وتميز عمله بالكفاءات متتبعا نزاهة قادة هذا الوطن، ودون أن يظن أنه 'ابن بارم ذيله'، وأن العمل أصبح مثل ملكه الخاص، يعمل به ما يشاء، وينقل من يعملون بالمطبخ، ليحفروا الحديقة، ودون أن تهتز له شعرة رأس، عجز عن تهذيبه منذ أن نقل الحلاق لوظيفة الغسيل والكي!shaheralnahari@