الرأي

التوحش في منصة "X" وتخريب الأوطان

عمر العمري
ليس بجديد، أعلم!.. لكن الوضع زاد عن حده وتفاقم ودق ناقوس الخطر وأصحبت مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة منصة 'X' (توتير سابقا) مستنقعا للكذب والشائعات والتهويل والإرجاف وتخويف الناس والقصص المزيفة المشحونة بالعواطف والعوالم الخفية من سحر وشعوذة، واجترار الماضي بقصص فيها الكثير من المغالطات تكتب بطريقة سلسلة تغريدات على شكل 'ثريد' مليئة بالتزييف والكراهية والأخطاء والنواقص والتشويه عن حوادث مميتة أو قصاص أو اغتصابات دون مصادر موثوقة أو معلومات مؤكدة، ودعم ذلك بصور أو مقاطع كاذبة لأحداث أخرى لا تمت بصلة لهذا الموضوع، وفتح مواضيع قديمة مليئة بالجروح والأحزان والآلام، خلطوا القليل من الواقع الذي حصل مع الكثير من التزييف والافتراء والعواطف من معرفات مجهولة لا يريد المجتمع أن يسمع عنها مرة أخرى، ومعرفات أخرى لها أهداف مغرضة ضد كل وطن مستقر مزدهر متطور ملتحم مع قيادته، تحاول أن تقوض وتشوه كل مشروع وكل قرار وكل تطور وكل تقدم، وتفسيره من زوايا شيطانية وتخيلات سوداوية ونويا سيئة، من أجل ماذا كل هذا التوحش؟ لأجل تحقيق أرباح مادية من المنصة وفق عدد المشاهدات، صحيح؟ هذه الأرباح التي لم تأت بخير وأصبحت غاية لدى البعض مهما كانت الوسيلة والضرر وأيضا لتخريب الأوطان الآمنة الراغدة في عيشها حسدا وسوءا من أنفسهم أو تنفيذا لأجندة سياسية خبيثة تتربص بهذه الأوطان.للأسف هذه التغريدات تحصل على مشاهدات عالية وعدد متابعين كبير، وتقوم منصة 'X' بتفضيل هذه التغريدات ذات التفاعل الكبير وتظهر لك دون متابعة هذه الحسابات المليئة بالكذب والإرجاف والكراهية والعنصرية، وهذا بسبب الخوارزمية المعقدة التي تستخدم لتحديد التغريدات التي ستظهر لك في خطك الزمني.لا نغفل تأثير برامج التواصل الاجتماعي على المراهقين وصحتهم النفسية والإدراكية، وخاصة عند تلقيهم هذه الكمية الكبيرة من الأخبار المزيفة والمحتوى الضار المليء بالعنصرية والكراهية، وأصبحت الكثير من المجتمعات المتقدمة وغيرها تتجرع مساوئ وأضرار هذا الإذكاء للعنصرية والكراهية، ويقوض جهود مئات السنين التي مضت في بناء قيم هذه المجتمعات، وهذا واضح في تصريح الحكومة البريطانية على عزمها في تعديل المناهج الدراسية لإعداد الأطفال بشكل أفضل لمواجهة المعلومات المضللة و'نظريات المؤامرة' المنتشرة عبر الإنترنت، وعبرت عن استيائها الكبير من دور شبكات التواصل الاجتماعي في تصعيد العنف العنصري ونشر خطاب الكراهية، وفي السياق نفسه قالت وزيرة التعليم البريطانية، لصحيفة صنداي تلغراف 'من المهم أكثر من أي وقت مضى منح الشباب المهارات اللازمة ليصبحوا واعين بشكل نقدي لما يشاهدونه عبر الإنترنت'.وأضافت 'سيتضمن إصلاحنا للمناهج الدراسية إكسابهم المهارات الأساسية لتسليح أطفالنا بالمهارات الشخصية والفكرية اللازمة والضرورية، لتدعمهم في التحقق من صحة المعلومات، وتقييم الأدلة، والتفكير النقدي لها، ودحض المعلومات المضللة والمعلومات الكاذبة، وذلك لمواجهة التحديات المتزايدة التي تشكلها المعلومات المزيفة والكاذبة والشائعات التي تغرق فيها شبكات التواصل الاجتماعي'.أعتقد أننا بحاجة إلى تعاون المجتمع ككل ومؤسساته الاجتماعية والثقافية والتعليمية والإعلامية والكتاب والمثقفين في توعية أبنائنا وبناتنا وتعزيز قيمهم الوطنية والأخلاقية ونشر ثقافة التسامح والتعايش، وكذلك أفراد المجتمع، من هذا الخطر الجارف المتزايد، وإيجاد الحلول والبدائل التي تساعدهم على تنمية مهاراتهم الشخصية والاجتماعية والفكرية، ومحاولة خلق شبكات تواصل وبيئات الكترونية أكثر انضباطا لتبادل الآراء وتعريفهم بمصادر أكثر موثوقية لاستقاء المعلومات.3OMRAL3MRI@