الرأي

شهر المواليد ونصيحة للأمهات 

عبدالمعين عيد الأغا
انطلق في الأول من سبتمبر الجاري 2024 الشهر العالمي لحديثي الولادة، إذ يهدف هذا الشهر إلى توعية الأمهات بأهمية  العناية بالمواليد الجدد حتى يتمتعون بالصحة والعافية في هذه المرحلة الجديدة ، فرحلة الأمومة مليئة بالمتعة والمسؤوليات تجاه الطفل، ولعل من أهم ما فيها 'الرضاعة الطبيعية' التي تعد الوسيلة الأكثر أمانا والأفضل غذائيا للمولود.ومن المنظور الصحي والاجتماعي لم يتم تخصيص هذه المناسبة ليوم عالمي واحد فقط على غرار (الأيام العالمية الصحية الأخرى التي تقتصر ليوم أو أسبوع) بل امتدت لشهر كامل حتى تصل التوعية عبر القطاعات الصحية في كل دول العالم لجميع الأمهات اللواتي رزقن بالمواليد بشكل أعم وأشمل.وأجدد التأكيد على جميع الأمهات بأهمية الرضاعة الطبيعية لكونها ليست مجرد وسيلة لتغذية الطفل، بل هي عملية طبيعية تحمل في طياتها فوائد صحية ونفسية لكل من الأم والطفل والأسرة، إذ يلعب حليب الأم دورا حيويا في تعزيز صحة الطفل وتقوية مناعته، فحليب الأم هو الغذاء المثالي للرضع، لاحتوائه على الأجسام المضادة التي تساعد على الوقاية من العديد من أمراض الطفولة الشائعة ومقاومة الفيروسات والبكتيريا، وتقليل خطر إصابة الطفل بالربو أو الحساسية، وكذلك التقليل من الالتهاب الرئوي والإسهال والعدوى، كما يمد حليب الأم الرضيع بكل ما يحتاجه من طاقة وعناصر مغذية في الأشهر الأولى من عمره إلى حين بلوغه السنتين.ومن المهم جدا أن يبدأ الأطفال في عملية الرضاعة بعد الولادة مباشرة؛ لأن ذلك يعمل على أن يحيا الطفل حياة نفسية وعاطفية هادئة ومستقرة، كما أن لعملية الالتصاق الجسدي بين الطفل وأمه أهمية كبيرة في صناعة وشائج عاطفية بينهما، وهذه الروابط تمنح الأطفال شعورا بالأمان النفسي والراحة الجسدية التي تساعد الطفل على أن ينمو نموا متوازنا وطبيعيا.ولا تتوقف فوائد الرضاعة الطبيعية إلى حد ما تم شرحه في السطور السابقة بل هناك فائدة مهمة جدا وهي حماية المولود من السمنة، فالرضاعة الطبيعية تجعل المواليد أقل عرضة للإصابة بالسمنة مستقبلا، لأنها تنظم إفراز الهرمونات التي تفاقم زيادة الوزن، وأظهرت نتائج دراسة نشرت في المجلة العلمية Journal of American Medical Association، أن الرضاعة الطبيعية للأطفال تقلل من احتمالات السمنة عند بلوغهم سن المراهقة، إذ قام الباحثون بجمع بيانات بخصوص 15 ألف طفل وطفلة، تتراوح أعمارهم بين سن 9 و14 سنة وأمهاتهم، وتبين أن احتمالات الإصابة بالسمنة في سن المراهقة أقل بـ 22% لدى الأطفال الذين تغذوا من حليب الأم بالرضاعة الطبيعية، مقارنة بالأطفال الذين تلقوا بدائل لحليب الأم في الستة أشهر الأولى من حياتهم، وكلما تلقى الطفل الرضاعة الطبيعية لفترة أطول، كان التأثير الوقائي من خطر السمنة أكبر، وحسب هذه المعطيات يمكن إدراج عدم الرضاعة الطبيعية في الطفولة إلى قائمة عوامل الخطر للسمنة في سن المراهقة والتي تشمل مشاهدة التلفاز، تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية وعدم ممارسة الرياضة.وبعد سلسلة فوائد الرضاعة الطبيعية على المواليد نأتي إلى الفوائد المترتبة على الأمهات اللاتي يحرصن على الرضاعة الطبيعية، ومن ذلك تخفيض مخاطر بعض الأمراض مثل سرطان الثدي وبعض أنواع سرطان المبيض وهشاشة العظام وأمراض القلب والبدانة، والمساعدة في فقدان الوزن الذي اكتسبته أثناء الحمل، الحد من مخاطر إصابة الأم باكتئاب ما بعد الولادة الذي يصيب النساء اللواتي لا يرضعن طبيعيا بمعدل أكبر، وبجانب كل ذلك حماية الأم من ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري من النوع الثاني.في الختام، أجدد التأكيد على جميع السيدات الحوامل أن الرضاعة الطبيعية مهمة جدا للمواليد طالما ليس هناك أي موانع مرضية، فحليب الأم غذاء متكامل وشامل يلبي احتياجات المولود، ويشتمل على الكربوهيدرات مثل اللاكتوز التي تدعم التوازن الصحي للبكتيريا في معدة الطفل، والدهون التي تساعد على نمو دماغ الطفل وجهازه العصبي، والبروتينات مثل اللاكتوفيرين والجلوبين المناعي A التي تحمي الطفل من العدوى، والفيتامينات التي تدعم نمو الطفل، وخلايا الدم البيضاء التي تساعد في مكافحة العدوى، ومن هنا فإن خير نصيحة للسيدات الحوامل هي الحرص على 'الرضاعة الطبيعية' وعدم الاعتماد على الرضاعة الصناعية، لكونها لا ترقى إلى مميزات حليب الثدي الطبيعي، فالحليب الصناعي لا يحتوي على أجسام مضادة،  مكلف ماديا، يأخذ مجهودا في الإعداد والتحضير والتنظيف، يسبب انتفاخ معدة الرضيع والمغص، احتمالية إصابة الأطفال بحساسية الحليب الصناعي، زيادة احتمال مخاطر التلوث، زيادة الإصابة بالنزلات المعوية والإسهال.