الرأي

أزمة مواقف السيارات بين التشريعات والمخالفات!

وليد الزامل
استوقفني خبر إعلان أمانة منطقة الرياض انطلاق المرحلة الأولى من المخطط العام للمواقف العامة للسيارات؛ سعيا إلى تنظيم المواقف، والحد من الممارسات الخاطئة والعشوائية، ودعم النمو الحضري في العاصمة. الإعلان جاء ليعالج مشكلة مؤرقة يعاني منها الجميع في المدن الكبرى، فعندما تقوم بمراجعة (بعض) الدوائر الحكومية أو المؤسسات التجارية الكبرى فأنت أمام خيارين، إما الذهاب عن طريق سيارة أجرة أو إيقاف سيارتك على مسافة كيلو متر والمشي تحت أشعة الشمس الحارقة. أما عندما تزور (بعض) المستشفيات فأنا متأكد أن مصيبة الحصول على موقف سوف تنسيك المرض الذي تعاني منه!

على أي حال، في خضم خروجك من المكان أو التوقف لبرهة قد تجد نفسك وقعت في مخالفة الوقوف الخاطئ فلا تجزع، لأن شركات مخالفات مواقف السيارات تعمل بكل دقة في حصر أي تجاوز في الوقوف الخاطئ وترصد المخالفة سريعا. أما إذا تم قفل عجلة المركبة فلا تسخط أو تحاول عبثا تحريك المركبة؛ بل طبق النظام وانتظر حتى تدفع قيمة المخالفة لأن عدم وجود موقف ليس مبررا للوقوف الخاطئ. هذه مشكلتك فحاول البحث عن حلها بعيدا عن ارتكاب مخالفة الوقوف الخاطئ.

إن الحصول على موقف لسيارتك أصبح أزمة لا يمكن التغاضي عنها لا سيما مع زيادة النمو السكاني والتوسع العمراني. الأزمة ليست وليدة اليوم؛ بل هي بمثابة سلسلة تراكمية تنامت بشكل متسارع نتيجة تخطيط المدن الذي يعتمد على السيارة كوسيلة نقل أحادية دون توفير بدائل فاعلة تستجيب للتنوع الاجتماعي والاقتصادي. استمرت بعض المدن في النمو دون تطوير مراكز فرعية تعزز الوصولية العالية للسكان ومقرونة بخدمات نوعية تستجيب لبدائل نقل متعددة.

الأزمة يمكن أن تتفاقم إذا بقيت المعايير والمعدلات التخطيطية كما هي دون تعديل أو تحديث يواكب النمو العمراني الذي تشهده المدن الكبرى.

في العقود الماضية تبنت العديد من المخططات السكنية نموذجا يعتمد على زيادة مساحة المناطق السكنية والتجارية على حساب الخدمات الاجتماعية والمناطق الخضراء. لم تخصص هذه المخططات أي مساحات مستقبلية يمكن استغلالها كخدمات نفعية أو ساحات متعددة الوظائف. وعلاوة على ذلك لم توفر هذه المخططات مساحات واسعة كمناطق وقوف للمركبات أو كمساحات أمام الوحدات السكنية بخلاف مسار الشارع. وهو ما تسبب في ازدواجية بين وظيفة الطريق كموصل للحركة واستخدامه كموقف للمركبة. بقيت المساحة المتاحة للمواقف تقتطع كجزء من الشارع لتتحول العديد من الشوارع داخل الأحياء السكنية كمواقف طولية تتكدس على جانبيها المركبات.

المخططات السكنية ما زالت تؤكد على نموذج الشريط التجاري نفسه، لتضع مجموعة واسعة من الأنشطة التجارية والخدمات الاستثمارية على طول الشوارع المحيطة بالحي السكني دون توفير مساحات كافية كمواقف للمركبات. ساهمت هذه الأنشطة التجارية في زيادة الاختناقات المرورية نتيجة عدم وجود مساحات كافية تستوعب مرتاديها واستغلال المسار الأيمن كمنطقة وقوف أو مناورة. وظهرت الاختناقات المرورية جليا على طول محاور الحركة، ولا سيما القريبة من المستشفيات أو الأسواق التجارية الكبرى، والتي يندفع روادها إلى خارجها نتيجة عدم وجود مواقف كافية.

ختاما، المأمول أن يساعد انطلاق المرحلة الأولى من المخطط العام للمواقف العامة للسيارات في معالجة إشكالية مواقف السيارات وتخفيف الاختناقات المرورية المترتبة عليها، وأن يرسم المشروع إطارا تشريعيا يمنع ظهور هذه المشكلة في المستقبل، وصولا لتعزيز جودة الحياة في مدينة الرياض.