الرأي

تفتيش النيات وأشياء أخرى

مانع اليامي
حدثني شيخي فقال هناك دراسات علمية تحاول دون انقطاع تسليط الضوء على السلوك البشري وترسم العديد من الأساليب للتعامل مع الأنماط البشرية رغم ما في السلوك البشري من غموض وما حوله من تعقيدات، شيخي يتفهم قيمة الجهود العلمية التي تحاول الإجابة عن السؤال المتجدد - كيف تفهم نفسك وكيف تفهم الآخرين؟ - يقدر هذا الأمر ويحترمه ويقر بجدوى تحليل السلوك البشري وفهمه لما يجره من نفع على المجتمعات التي ينمو فيها الوعي الجمعي وتنمو به.

السؤال عنده هذه الأيام هو هل تسمح بعض شرائح المجتمع المنزوي جغرافيا وفكريا لمثل هذه الدراسات أن تأخذ مكانها وتخرج باستنتاجات تخلص إلى تحقيق القدر القليل من فهم سلوك البعض، وقد تسيد الموقف تقلب السلوك وشكل القفز إلى الواجهة بالتحايل والمزايدات على حساب حقائق مدفونة، والخوف أن تتصاعد هذه السمة مع مرور الأيام، القوم تارة هنا وتارة هناك، اليوم بوجه وغدا بوجه آخر، وتبقى المصالح الضيقة غاية تشكل البعض ويشكلونها في نهاية المطاف. قلت له ربما يكون لكل هذا القول مبرر عندك وأنت صاحب تجربة واسعة، ولكنك لم تترك فرصة للتفاؤل، والظاهر أن دراسة سلوك وتفاعلات بعض الناس الاجتماعية ستكشف أمورا كثيرة، جاز له القول.

سحبت الحديث لمنحى آخر فقلت: صدور الناس تعج بالأسرار التي لا يعلمها إلا خالقهم تعالى وهم أنفسهم، ماذا عن الدخول في النيات وتفسير ما يقول البعض أو يكتبون على بوصلة الهوى ربما الحقد أحيانا، قال وهذه علة أخرى يتصاعد دخانها، البعض اليوم مفعل خاصية الدخول في نيات الناس والحكم على آرائهم وفق الأهواء.

أمر مشين أن يتجرأ الإنسان واهما بالقدرة على معرفة ما يدور في صدور الناس، والأدهى أن تبنى المسألة على غاية سيئة منبعها الأحقاد أو الأهواء، نعم بعض شرائح المجتمعات المنزوية المائلة إلى الانغلاق تعيش حالة فراغ تحفز على الانشغال المفرط بتفتيش النيات والركون لتفاهات القيل والقال وسوء الظن بالآخرين، وفي هذا ما فيه من السوء.

باختصار، يترتب على التخلص من هذه العادات الذميمة منافع واسعة تجر إلى رقي المجتمع، وفي العكس تحد ينتهي إلى تفكيك المجتمع نفسه. أنتهي هنا وبكم يتجدد اللقاء.