الرأي

جائزة ميثاق الملك سلمان العمراني

وليد الزامل
سعدت في الأسبوع الماضي بحضور حفل جائزة ميثاق الملك سلمان العمراني، والذي نظمته هيئة فنون العمارة والتصميم. الجائزة في دورتها الأولى جاءت لتجدد التأكيد على ميثاق عمراني كرس مبادئ عمرانية خلاقة على مدار عقود زمنية، وضع لبناتها الأولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله. التكريم يأتي في سياق دعم المشاريع العمرانية التي أظهرت تميزا في تبني مفاهيم ميثاق الملك سلمان العمراني.

يركز هذا الميثاق على ست قيم رئيسة وهي:

أولا: الأصالة، وهي أن يعكس المنتج العمراني الطابع المحلي ويعزز اتصالية المجتمع بالمكان. فالتصميم الأصيل هو الذي يترجم ثقافة المجتمع المختزلة في الذهنية الحسية والبصرية على هيئة تصاميم عمرانية استثنائية.

ثانيا: الاستمرارية، وتركز على أهمية الاستناد على التاريخ لبناء المستقبل بما في ذلك الثقافة والتقاليد المحلية في سياق يعزز استنباط الدروس المستفادة من الماضي لبناء الحاضر واستشراف المستقبل.

ثالثا: محورية الإنسان، وتشمل تطوير منتج عمراني يتوافق مع احتياجات الإنسان ويحقق العدالة الاجتماعية ومراعاة اختلاف الأنساق العمرانية والتباين الثقافي والاجتماعي.

رابعا: ملاءمة العيش، وهي قيمة تؤكد على أن يتوافق المنتج العمراني مع أنماط معيشة السكان؛ بل والارتقاء بالمجتمع من خلال تصاميم أو مخططات لأحياء سكنية تؤثر إيجابا على أنماط حياة الإنسان وسلوكه وصحته ورفاهيته.

خامسا: الابتكار، وهو مفهوم واسع يؤكد على أهمية توسيع المنظور الفلسفي للتصميم المادي ليشمل أبعادا إبداعية وحلولا مبتكرة تتوافق مع المناخ والبيئة الصحراوية القاسية، والاستفادة المثلى من التكنولوجيا في التشييد والبناء.

سادسا: الاستدامة، وهو أحد المصطلحات المهمة التي تسعى لتحقيقها العديد من المشاريع العمرانية، وتعنى بضمان توافق المنتج العمراني مع المتغيرات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وبشكل يلبي احتياجات الحاضر دون إضرار بمصالح الأجيال المستقبلية.

أتاحت جائزة ميثاق الملك سلمان العمراني فرصة للمبدعين من جميع أنحاء العالم للمنافسة في مشاريع عمرانية نوعية اتخذت من مبادئ ميثاق الملك سلمان أنموذجا في العمران. ووضعت الجائزة ثلاثة محاور رئيسة للمشاركة، وهي المشاريع الطلابية، والمشاريع العمرانية المنفذة، والمشاريع العمرانية غير المنفذة.

في الواقع، تأتي أهمية هذه الجائزة من كونها تحكي قصة أنموذج عمراني يؤطر تجربة الملك سلمان - حفظه الله - إبان إمارته لمدينة الرياض لخمسة عقود. شهدت مدينة الرياض في تلك الفترة مشاريع عمرانية أحدثت نقلة نوعية للمجتمع، ولامست مستويات التخطيط العمراني والتصميم العمراني والعمارة. مراحل متعاقبة شهدتها مدينة الرياض توسعت معها من مدينة صغيرة مكونة من أحياء سكنية ومتاجر وخدمات محدودة إلى مدينة مليونية ومركز جذب استثماري. مدينة تسابق خطى التغيير نحو تحقيق مستهدفات الرؤية الوطنية في بناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر ووطن طموح.

ميثاق الملك سلمان هو حصاد زرعه خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - وأنموذج في إدارة المدن الكبرى، فما تجنيه المدينة اليوم من بنية تحتية قوية ومشاريع تنموية وخدمات نوعية هو بناء الأمس.

ختاما، أرى من الأهمية بمكان إقامة مؤتمر دولي يتناول 'العمارة السلمانية' كمصطلح علمي، وتوسيع نطاق الجائزة لتشمل محورا للبحوث والدراسات العمرانية التي تتناول تحليل أبعاد العمارة السلمانية وتطبيقات قيم ميثاق الملك سلمان في التخطيط العمراني والمسار الإجرائي لإدارة المدن الكبرى.