التحول الصحي: الصورة والتصور
الاحد / 7 / صفر / 1446 هـ - 14:44 - الاحد 11 أغسطس 2024 14:44
التحول الصحي المرتقب، هو الهامش الأكبر لأحاديث موظفي الصحة هذه الأيام، وخاصة بعد أن بدأت الشركة القابضة بإرسال بعض العقود لموظفيها في بعض التجمعات الصحية.سبق هذه الخطوة تحويل المديريات العامة للشؤون الصحية في المناطق إلى فروع لوزارة الصحة، وإنشاء تجمعات صحية تضم ما بقي من إدارات ومستشفيات وتوابعها اللازمة لعملها وتفعيلها كمنشآت صحية، وهذا يعكس مدى جدية الجهات ذات العلاقة باستكمال هذا المشروع الاستراتيجي الكبير.ما إن بدأت العقود تهطل على الموظفين إلا وبدأت مشاكل الاختلاف بين موظفي الخدمة المدنية وموظفي التشغيل الذاتي، كون مرجعياتهم التنظيمية السابقة تختلف، فالفئة الأولى ضمها ونظم شؤونها وزارة الخدمة المدنية سابقا، والفئة الثانية نظام العمل والعمال، وهنا بدأ التباين في العقود ومميزاتها بين الفئتين.لن أدخل في تفاصيل ما يقال، ولكنني أقول إن هذه الخطوة الاستراتيجية التي تقوم بها الجهات ذات العلاقة، كان لزاما أن يسبقها نظام حوكمة دقيق يراعي هذا التغيير المنتظر على مستوى المسميات الأصيلة والممارسات العملية الفعلية، فلو تأملنا وضع الموظفين في القطاع الصحي وخاصة الفنيين من أطباء وممرضين وغيرهم، نجد أن المسطرة التي تحكم مسمياتهم ونشاطاتهم العملية المختلفة هو التصنيف المهني الذي يصدر من هيئة التخصصات الصحية، وبموجب هذا التصنيف يستخرج الممارس الصحي شهادة تخوله العمل في المجال الصحي بقطاعاته المختلفة.ما الذي يجري بعد ذلك؟ كثير من الممارسين الصحيين يتسربون من تخصصاتهم الأصلية، ليتجهوا إلى مجالات إدارية صرفة، يتم التغطية على هذا التسرب الخاطئ من خلال فتح بعض المناشط العملية الشكلية التي تدعم مقولة (بالإضافة إلى عمله)، وخاصة (البعض) من الأطباء الذين يمارسون أدوارا إشرافية منذ عقود طويلة، وبالتالي يصبح الواحد منهم محسوبا على البعد الإداري أكثر من كونه طبيبا متخصصا في مجال محدد تم تصنيفه عليه ويستوفي أجره من خلاله.هنا تبدأ المشكلة، كون هذا الطبيب أو الممارس الصحي بشكل عام يقوم بتجديد رخصته الصحية المهنية بناء على مشهد يتم طباعته من مرجعه، يثبت فيه أنه ممارس صحي يمارس عملا فنيا في المنشأة الصحية الفلانية في حين أنه يمارس عملا بعيدا تماما عن تخصصه وتصنيفه المهني!هذا الخطأ يتطور ليصبح هذا الممارس الصحي طبيبا كان أو من أي فئة أخرى، عالة على المنظومة الصحية كونه لا يمارس تخصصه بتفرغ كامل بل بتفرغ جزئي في أحسن الأحوال الانضباطية، في محاولة للتحايل على النظام الصحي في البعد عن ممارسة عمله الأصلي والبقاء في السلطة الإدارية التي تعطيه البعد (الأدبي) بالإضافة إلى المميزات المالية المخصصة للممارس الصحي في عيادته أو معمله.هذه الأمور واضحة وجلية في القطاع الصحي، وسيترتب عليها مساواة غير عادلة في العقود القادمة بين هؤلاء الذين لا يمارسون وأقرانهم الذين يمارسون تخصصاتهم الصحية في أماكن عملهم الأصلية والأصيلة، وهنا مكمن الخلاف والاختلاف وما يترتب عليهما، بين ممارس صحي مبتعد عن تخصصه وآخر يمارسه بأمانة وضمير.إن الحل يكمن في حصر هؤلاء الممارسين الصحيين المبتعدين عن تخصصاتهم الأصلية، ومن ثم إعادتهم إلى عياداتهم ومرضاهم أو التعاقد معهم على أساس إداري صرف بعيد عن مميزاتهم المالية كممارسين صحيين اشترط النظام لاستمرارها ممارسة العمل الفني بتفرغ كامل غير مجزأ، وهنا تصبح المعادلة موزونة من الطرفين، فمن يمارس تخصصه يتعاقد معه وفق هذا التخصص ومميزاته المالية، أما المبتعدون أو المستبعدون عن هذه الممارسة فيوضع لهم سلم وظيفي يراعي وضعهم الحالي كونهم لا يمارسون تخصصاتهم الفعلية، ولا مانع من إبقائهم إداريين حسب الحاجة، يمارسون أعمالا إدارية صرفة كان الأولى أن يمارسها أهل الاختصاص من خريجي الإدارات الصحية ومن في حكمهم.alaseery2@