الرأي

صناعة الطفل المعرفي

ياسر عمر سندي
يولد الأطفال بموارد نفسية وفكرية نقية كالفطنة واليقظة الكامنتين لديهم، وتساعدان لتنمية الجوانب التطويرية ومستعدة لرفع العمليات الإنتاجية التي تتطلب الاهتمام والرعاية المقننة والإدارة الواعية للتربية البارعة والرصينة، التي تحسن صنعا بالتعامل مع هذه الموارد الخام لإعادة تشكيلها وضبطها حتى تصبح متوافقة نفسيا ومجتمعيا منذ مراحل التأسيس الأولية للطفولة المبكرة والابتدائية، لتتنامى لديهم القدرات المعنوية وتتطور الممكنات الجسدية ليستطيعوا مواجهة مراحلهم الحرجة من البلوغ إلى النضج بعد ذلك.برأيي إن أول عتبات الصناعة المعرفية للأطفال تبدأ بالتركيز على المساحة الحرة خارج نطاق المنظومة التعليمية، والتي تسمى بالنمذجة السلوكية التي يتلقونها من الوالدين أو من يتولون تربيتهم، بتدريبهم على الخبرات المهارية بتشكيل السمات الشخصية وتوجيه الأنماط الوراثية لصقلها ونحتها وتجميلها، حتى يمكن إكسابها تدريجيا باستخدام المعززات التالية:
  • تعزيز المعرفة لفهم قيمة المثابرة والعزيمة وتقويتها نفسيا بديمومة السرد القصصي للعظماء والناجحين من التاريخ والمحيط المعاصر، كيف كانوا وكيف أصبحوا وما هي تأثيراتهم وآثارهم.
  • تعزيز أهمية الضبط الانفعالي بعدم الانفلات المشاعري، من خلال تربيتهم وتدريبهم على سلوكيات الانتظار والصبر، وعدم الاستعجال والتهور بالقول والعمل، وترويضهم على سلوكيات الهدوء والاتزان لأن الحلم بالتحلم والصبر بالتصبر.
  • تعزيز آلية البناء الفكري لديهم بترك المجال للبحث والتحري عن الحلول لعقبات تواجههم وتحديات تعترضهم، وعدم وضعهم في دائرة الراحة بتلبية جميع احتياجاتهم أو التحدث نيابة عنهم، والأهم من ذلك خلق جو مستدام بفتح الحوار الهادف المتبادل لبناء الثقة.
  • تعزيز مفهوم المرونة بفلسفة 'هنالك بدائل لجميع المسائل'، أي لا تكن صلبا متحجرا فهنالك عدة مخارج يمكن سلكها إذا ما استدعى الأمر.
  • تعزيز مفهوم التعاطف مع الآخرين والروح الجماعية والبعد عن الفردانية والأنانية من خلال النمذجة التربوية، كيف نساعد ونشارك ونتعاون في مواقف واقعية مختلفة تصدر من الآباء والأمهات.
  • تعزيز مفهوم الجوانب الإنسانية وأولها الاحترام الذاتي والنظرة الشخصية إلى ما يمتلكه الطفل من نعم متعددة في شكله وجسده وفكره وقوته، ومن ثم تعزيز قيمة احترام إنسانية الآخرين.
  • تعزيز مفهوم مراتب الارتقاء المجتمعي واعتباره حقا ذاتيا مكتسبا بكيفية التأثر والتأثير، مع ملاحظة البعد عن التمحور حول الذات حتى لا يتعاظم مفهوم الأنا.
  • تعزيز قيمة الفضول الإيجابي بتعليم خماسية التساؤلات المعرفية بـ'كيف وماذا ولماذا وأين ومتى'، لفهم العلاقات السببية وتنمية الوعي.
  • تعزيز أثر الحنان والأمان الوالدي بالاحتضان الدائم والابتسامة المستمرة والثواب بالمكافأة والعقاب بالمفاهمة للتنشئة الصحية النفسية المتكاملة.
  • تعزيز فكرة لعب الأدوار خصوصا إذا كان هنالك أبناء بينهم فوارق عمرية بأخذ دور الأب في عمره للأولاد وللبنات دور الأم، لتعليمهم القيمة الوالدية.
هذه المعززات العشرة مع الرقابة المرحلية للأداء وقياس مدى التطور المتتابع تصنع الطفل المعرفي الذي يحتاجه مجتمعنا لنصل إلى جودة الحياة بمشيئة الله.Yos123Omar@