الرأي

استاد الملك سلمان وتعزيز جودة الحياة في مدينة الرياض

وليد الزامل

أعلن في الأسبوع الماضي اعتماد تصميم 'استاد الملك سلمان' الواقع في شمال مدينة الرياض والمقرر الانتهاء من تنفيذه في 2029م.المشروع يعد واحدا من سلسلة مشاريع نوعية لتعزيز جودة الحياة في مدينة الرياض.يتناول برنامج جودة الحياة محورين هما: تعزيز قابلية العيش ونعني بها تطوير البنى التحتية والخدمات الأساسية بما فيها الخدمات التعليمية والصحية والترفيهية والرياضية.في حين يؤكد المحور الثاني على الارتقاء بنمط الحياة وتوفير الخيارات المتعددة التي تلبي احتياجات المجتمع؛ وهو ما يعني توليد أنماط عمرانية تشجع على ممارسة الرياضة، أو الترفيه بما ينعكس في نهاية المطاف على صحة الإنسان الجسدية والعقلية والنفسية.يقترن مفهوم جودة الحياة بالأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، فتوفير أنماط عمرانية يعزز صحة الإنسان وسلامته، يجب أن يتماشى مع البعد الاقتصادي المتمثل بتكاليف النقل والإسكان والخدمات؛ إذ لا جدوى من خدمات وبرامج نوعية لا توفر فرص عمل ولا ترتقي بأساليب المعيشة ولا تعزز من صحة الإنسان.من هذا المنطق، فإن ممارسة التخطيط العمراني في المدن يجب أن يؤكد على بناء مجتمعات قادرة على العيش بصحة وسعادة، واستخدام التطوير المادي كأداة للارتقاء بأساليب المعيشة.ويأتي ذلك في سياق منسجم مع محاور الرؤية الوطنية التي تسعى لبناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.تظل المدن ركائز مهمة في سياق تعزيز جودة الحياة بما تحويه من بنى تحتية وخدمات يمكن أن تساهم في الارتقاء بأنماط الحياة وتشجع على ممارسة الرياضة والمشاركة في الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية.

بحكم تخصصي في مجال 'التخطيط العمراني' أستطيع تحليل أبرز الجوانب العمرانية لاستاد الملك سلمان في سياق تعزيز جودة الحياة في مدينة الرياض، ويمكن تلخيص ذلك على النحو التالي:

أولا: يتميز استاد الملك سلمان بارتباطه الوثيق بحديقة الملك عبدالعزيز، مما يشكل فرصه متبادلة لتكامل المشروعين، خصوصا من ناحية التحكم بالحشود البشرية وتوجيه خيارات نقل تعتمد على المشاة أو النقل العام.كما يمكن الاستفادة من الكثافة البشرية، لا سيما في إقامة المناشط الرياضية والثقافية والفنية، واستثمار المواقع المناسبة للأنشطة التجارية.

ثانيا: تطوير خدمات رياضية نوعية في مدينة الرياض؛ فالمشروع لا يقتصر على الملعب الرياضي؛ بل يشتمل على ملاعب رديفة وملاعب لكرة الطائرة والسلة ومسبح أولمبي ومضمار لألعاب القوى وصالات رياضية مغلقة.وسوف تستجيب هذه الخدمات والمرافق لاستحقاقات المملكة العربية السعودية في استضافة البطولات الإقليمية والعالمية.

ثالثا: يؤكد المشروع على البيئة المحلية وخصائص الموقع، حيث تم اختيار المخطط العام والتصميم بشكل مستوحى من 'الأرض الجبلية'، ويندمج مع حديقة الملك عبدالعزيز من خلال ربطها بالوادي الذي يخترق الحديقة المحيطة بالاستاد، مما يخلق بيئة طبيعية متكاملة من الناحية التصميمية والوظيفية.

من الأهمية بمكان العمل على تطوير البيئة العمرانية المحيطة بالمشروع بشكل يستجيب للتحولات المستقبلية وخاصة في مجال تنويع خيارات النقل، وتطوير هيكلية استعمالات الأراضي، ودعم التصميم العمراني المحلي وعمارة البيئة.ختاما، أرى أن المشروع يشكل فرصة سانحة لاستحضار البعد الإيجابي وربطه في سياقه الحضري ودعم اتصاليته بالمسار الرياضي والمشاريع النوعية القريبة منه.لذلك يمكن تطوير البيئة العمرانية المحيطة بإعادة تخطيط الأحياء السكنية القريبة، وتطوير عدد من مسارات المشاة الفرعية والمتصلة بحدائق الأحياء السكنية، لتشكل سلسلة عمرانية مترابطة ينعكس تأثيرها الإيجابي على المدينة.waleed_zm@