الرأي

التقنية الصينية ليست للبيع

عبدالله العولقي
دشنت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس صفحتها على تطبيق تيك توك بعد تصدرها ترند الأخبار العالمية، وخلال ساعتين فقط حصلت على أكثر من 400 ألف متابع، وبعد نشرها لأول فيديو وخلال الساعات الأولى حصدت نحو مليون ونصف المليون متابع والذي حقق نحو خمسة ملايين مشاهدة!! لقد أدركت كامالا هاريس حجم نفوذ التطبيق الصيني في بلادها؛ ولذا قررت أن تستفيد منه في حملتها الانتخابية الحالية أمام المرشح الجمهوري الصلب دونالد ترمب، وتستفيد من خوارزميات التطبيق المتطورة.الحقيقة أن الأوساط النخبوية والسيادية في الولايات المتحدة قد بدؤوا يؤمنون بضرورة التصدي لبرنامج التيك توك الصيني خوفا على مستقبل الأمن القومي الأمريكي، لا سيما أن الخوارزميات المتطورة التي تستعملها شركة بايت دانس المالكة للتطبيق تركز على فئة الأطفال والشباب، وهنا تبدو ملامح الخطر من وجهة النظر الأمريكية تجاه قدرة تلك الخوارزميات على تشكيل ثقافة جديدة تؤثر على الرأي العام الأمريكي ولتخدم المصالح الصينية في المستقبل، لا سيما أن التطبيق يمتلك ملايين المعلومات حول بيانات المستخدمين داخل الولايات المتحدة!!مؤخرا، أصدرت المحكمة العليا الأمريكية قرارا بإلزام شركة بايت دانس الصينية مالكة تطبيق تيك توك ببيع التطبيق لإحدى شركات التقنية الأمريكية في موعد أقصاه 19 يناير وإلا سيتم حظر التطبيق داخل الولايات المتحدة، هذا القرار أظهر استياء بالغا من الشركة الصينية التي أعلنت أن هذا القرار يتعارض مع الحرية التجارية التي كفلها الدستور الأمريكي، ومن غير الحق أن تتجاوز السلطات الأمريكية نصوص الدستور، وأنه في حال المضي في هذا القرار فإنها ستفضل إغلاق التطبيق؛ فالخوارزميات المتطورة لديها ليست للبيع، أما المحكمة الأمريكية فقد أكدت أن القرار الذي جاء بناء على تصويت الأغلبية من الحزبين الرئيسيين في مجلس الكونجرس يهدف إلى الاستجابة الوطنية لمخاوف تتعلق بالأمن القومي وليس إلى الحد من حرية التعبير!!هناك جانب آخر يتعلق بموضوع البيانات، وهو الجانب الاقتصادي، فهناك مخاوف تؤكد بأن الجانب الصيني قد أصبح يمتلك بيانات ضخمة تتعلق بتحليل الأسواق الأمريكية عبر الخوارزميات المتطورة، والتي تشمل فهم حجم السوق العام، وفهم سلوكية المجتمع الأمريكي الشرائية، ونسبة النمو والاتجاهات الرئيسة والفرص المتاحة، هذا ما يتعلق بالمجتمع أما ما يتعلق بشركات التقنية الأمريكية المنافسة لشركة بايت دانس، فمن خلال البيانات الضخمة أصبحت الشركات الصينية عموما على معرفة ودراية بحجم نفوذ منافسيها المحليين، ونقاط قوتهم وضعفهم، وكذلك استراتيجياتهم التسويقية وفهم احتياجات وتوقعات عملائهم المستهدفين.خاتمة القول، هذه صورة واقعية من صور الصراع البارد القائم بين الشرق والغرب تجاه المستقبل، فهل وصل الصراع إلى ذروته؟ نظام قضائي أمريكي يجبر الصينيين على بيع التطبيق بخوارزمياته المتطورة، فيأتي الرد الصيني بأن التقنية الصينية المتطورة ليست للبيع!!albakry1814@