الرأي

مكة بحاجة لمتاحف متخصصة في الحج

أحمد صالح حلبي
مع بدء تأسيس هيئة المتاحف في فبراير 2020، توجهت الأنظار صوب النتائج التي ستحققها متاحف مكة المكرمة في نقل صورة جيدة عن تراث أم القرى، خاصة أنها تشهد تدفق أعداد كبيرة من المعتمرين والحجاج على مدار العام.وتساءل آخرون عن الدور الذي سيقوم به رجال الأعمال والمستثمرون لإنشاء متاحف جديدة، غير أننا لم نر ما كان مأمولا.فرجال الأعمال أحجموا عن الاستثمار في هذا القطاع، رغم أهميته وعائداته المرتفعة.وبين متاحف قائمة، وإحجام رجال الأعمال والمستثمرين، فإن وجود عدد من المتاحف المتخصصة، سواء الحكومية منها أو الخاصة، أسهم بشكل جيد في الحفاظ على التراث ونقل صورة جيدة عن الماضي.فمتحف عمارة الحرمين الشريفين، نقل للزوار مراحل توسعة وتطور الخدمات بالحرمين الشريفين عبر العصور والأزمان، وشكل وجود عدد من القطع النادرة عملية جذب خاصة لدى المعتمرين والحجاج.فيما شكل متحف معرض الوحي، المقام ضمن مشروع حي حراء الثقافي، فرصة جيدة للزوار للتعرف على قصة الوحي تترسخ بالأفئدة والأذهان، وهكذا سارت بعض المتاحف بتخصصات منحت الزائر فرصة التعرف على محتوياتها بشكل أفضل، ومنها «متحف مكة (قصر الزاهر) - بيت العِلم»، إضافة لـ«متحف صلح الحديبية»، و«متحف القرآن الكريم».وتميز «متحف الجموم» بمحافظة الجموم بقدرته على الجمع بين تراث المحافظة من جهة، وتراث مكة المكرمة باعتبارها المدينة الأقرب للمحافظة، فيما يعد متحف الروحاء واحدا من أبرز المتاحف المتخصصة بالأسواق المكية القديمة، لما يحويه من مقتنيات تبرز نماذج للمحلات التجارية والمقاهي، والمقتنيات الخاصة.وإن برزت مثل هذه المتاحف وغيرها، فإن الحاجة اليوم تستدعي العمل على إقامة متاحف متخصصة في مجال الحج على غرار المتحف الذي أقامته مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا - سابقا - شركة ضيوف البيت - حاليا - والذي افتتح المرحلة الأولى منه معالي وزير الحج - آنذاك - الدكتور محمود بن محمد سفر (يرحمه الله)، ثم المرحلة الثانية التي دشنها وزير الحج - آنذاك - إياد بن أمين مدني، فالمرحلة الثالثة التي شاهد بعض محتوياتها وزير الحج - آنذاك - فؤاد بن عبدالسلام الفارسي.ومعرض التراث والمقتنيات الأثرية الذي أقامته مؤسسة مطوفي حجاج جنوب شرق آسيا - سابقا - شركة مشارق - حاليا - وافتتحه وزير الحج - آنذاك -، الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي، وضم معروضات تحكي كثيرا عن رحلات الحج، كيف كانت وكيف أضحت، وقدرته على الربط بين الماضي والحاضر خلال المقتنيات والمواد التراثية التي يحويها.وإن فتحت هيئة المتاحف المجال أمام الجميع لإقامة متاحف خاصة، وعملت على دعمهم ومؤازرتهم، فإن الأبواب مشرعة أمام أبناء مكة المكرمة لإقامة متاحف متخصصة في مجال خدمات الحجاج، كمتحف للمشاعر المقدسة «عرفات - مزدلفة - منى»، يتعرف خلالها الزائر على منطقة المشاعر المقدسة كيف كانت، وكيف غدت، ويتناول معاناة الحجاج في الحصول على المياه، وآخر متخصص في مجال النقل يوضح وعورة الطرق في الماضي ووسائل النقل التي استخدمت، بدءا من الجمال مرورا بالسيارات الصغيرة المكشوفة، ثم وصول الحافلات، وانتهاء بقطاري الحرمين والمشاعر، وأخيرا ما استحدثته وزارة النقل في موسم الحج الماضي بدخول التاكسي الطائر لنقل الحجاج من مطار الملك عبدالعزيز بجدة إلى فنادقهم بمكة المكرمة.وإقامة مثل هذه المتاحف يعني توثيقا لأعمال مضت، وتثقيفا للأبناء كما أشار الأستاذ محمد السيد حلاوة في كتابه «تثقيف الطفل بين المكتبة والمتحف»، حينما أبرز أهميتها فيما يلي:
  1. أن المتاحف وثائق تصنعها الشعوب خلال إبداعاتها لتسجيل منجزات التقدم في كل مظاهر الحياة، وما يتصل بذلك من أرصدة تاريخية وثقافية وجمالية.
  2. أن المتاحف يمكن أن تكون مصدرا للإبداع للطفل المتواصل، إن كان هناك تربية متحفية تعد خلالها الأجيال.
  3. أنه لا حدود للمتاحف في تربية الاتصال الجماهيري، ويمكن أن تخرج أدوارها التربوية للشوارع، حيث تحقق البعد الآخر للتربية المقصودة.
  4. أن المتاحف هي المصدر الأساس للتنمية الإبداعية والجمالية للطفولة، وتعليمها يعطيه الحفاظ على الهوية الذاتية لثقافات الشعوب مستقبلا.
  5. أن المتاحف أحد المتطلبات الأساسية لتوثيق مسيرة الشعوب، وهي الحافز على التنمية الجمالية للطفولة.
  6. المتاحف مراكز أساسية لتحقيق التواصل بين الأجيال خلال الطفولة.
ahmad_helali@