كيف تعزز حديقة الملك عبدالعزيز استدامة مدينة الرياض؟
السبت / 21 / محرم / 1446 هـ - 23:23 - السبت 27 يوليو 2024 23:23
أعلن في الأسبوع الماضي البدء في أعمال تنفيذ «حديقة الملك عبدالعزيز»، أحد مشاريع الرياض الكبرى التي سوف تشكل معلما بيئيا يجذب السكان والسياح.المشروع سيكون إضافة حيوية في سياق السعي نحو تنفيذ مبادرة «الرياض الخضراء» وتعزيز جودة الحياة ورفع نصيب الفرد من المساحات الخضراء.لقد توسعت مدينة الرياض في العقود الماضية لمواكبة النمو السكاني والطلب على الإسكان والخدمات.ومع ذلك تأثرت العديد من الأحياء السكنية من نقص الحدائق، وعدم مواكبتها للاحتياج الكمي والنوعي.كان ينظر إلى الحدائق باعتبارها مجرد مناطق خضراء دون استيعاب دورها التكاملي ضمن السياق الحضري.اليوم، الصورة الذهنية لدى صانعي القرار تغيرت، فالحدائق لم تعد مجرد أماكن خضراء؛ بل رافد بيئي حيوي يعزز العوائد الاجتماعية النفعية، وينعكس على البعد الاقتصادي.يؤكد مفهوم استدامة المدن على خلق التوازن بين البيئة، والتنمية الاقتصادية، والرفاهية الاجتماعية.وفقا لهذا المنطق، تسعى مشاريع الرياض الكبرى إلى تحقيق المواءمة بين الحيز المكاني، والاحتياج الاجتماعي، وبشكل يتوافق مع البيئة ويضمن الاستغلال الرشيد للموارد المتاحة دون تعطيل أو استنزاف.بحكم تخصصي في مجال «التخطيط العمراني» أسطيع القول إن حديقة الملك عبدالعزيز تشكل خطوة هامة في سياق السعي لاستدامة مدينة الرياض باعتبارها تلامس المحاور البيئية، والاجتماعية، والاقتصادية ويمكن تلخيص ذلك على النحو التالي:أولا: تعمل حديقة الملك عبدالعزيز كعنصر رابط بين مشاريع الرياض الكبرى والمناطق الحيوية كمطار الملك خالد الدولي، ومحطة قطارات سار، وجامعة الأميرة نورة، وجامعة الأمام محمد بن سعود، والأحياء السكنية المحيطة.كما يلعب التموضع المكاني للحديقة دورا هاما في تعزيز مستويات الوصولية لقربة من طرق حيوية كطريق الملك سلمان، وطريق الأمير فيصل بن بندر.ثانيا: دعم البيئة المحلية، وذلك باستخدام تصاميم عمرانية فريدة تنسجم مع الثقافة المحلية ونباتات وأشجار ظل تتماشى مع طبيعة المناطق الصحراوية؛ كما تم استخدام أنظمة ري حديثة تستخدم المياه المعالجة وهو يسهم في ترشيد الموارد الطبيعية واستدامتها.ثالثا: الانسجام مع البيئة الطبيعية؛ فالمشروع يتموضع مكانيا في منطقة شعيب المونسية المتفرع من وادي السلي مما يشكل رافدا للحديقة ومستجمعا طبيعيا لمياه الأمطار يعزز من استدامتها.رابعا: تعزيز التفاعل الاجتماعي من خلال ابتكار أنشطة وخدمات متنوعة تلامس كافة الشرائح الاجتماعية في المدينة؛ بما في ذلك المراكز الرياضية، والثقافية، والفنية، ومسارات المشاة والدراجات وهو ما يعزز من الرفاهية الاجتماعية التي تؤكد عليها مبادئ الاستدامة.خامسا: دعم البعد الاقتصادي من كونها توفر فرص اقتصادية للأفراد والأسر سواء في المراكز الاجتماعية والترفيهية في الحديقة أو في المناطق التجارية ومنافذ البيع المرخصة.أخيرا، فإن استحضار البعد الاستراتيجي للحدائق والمتنزهات الطبيعية في مدينة الرياض أمر بالغ الأهمية باعتبارها عنصر هام في دعم استدامة المدينة، يسهم في تعزيز التفاعل الاجتماعي، ورفع اقتصاديات السكان، وتحسين البيئة العامة.لذلك، فإن التحدي المنوط بالجهات التخطيطية في المملكة العربية السعودية يتمثل في القدرة على مواءمة مشاريع الرياض الكبرى ككيانات تعمل في منظومة تكاملية وليست كمشاريع عمرانية فردية وصولا لتعظيم الأثر الإيجابي على المجتمع والمدينة.waleed_zm@