الرأي

ابدأ اليوم

عبدالله سعود العريفي
قابل صاحبه وقد أظهر استياءه وتكدره وأخذ يعبر عن حزنه وألمه: أشعر في حياتي أن الفرص قد فاتت وأنني قد تجاوزت الوقت المناسب للبدء في شيء جديد، الأيام تجري بسرعة فيما أنا لم أبت في أموري بل أتردد وأتوقف من حين إلى حين في حيرة وتحير وعدم ثبات على رأي، والفرص تتلاشى وتضيع سدى وتذهب أدراج الرياح دون فائدة ولا نتيجة.أجابه صاحبه: في تصوري لا يوجد شيء اسمه فرص ضائعة؛ ففرص الإنسان هي التي اغتنمها واستغلها وبادر إلى الاستفادة منها، وأما تلك التي ذهبت منه وفاتته؛ فلم تكن مقدرة له أصلا؛ ولكن لتجعل من الأسى والاغتمام والشعور بالحزن عليها حافزا ودافعا وباعثا، ولتكن أكثر حرصا واهتماما وانتباها ووعيا في اغتنام الفرص وانتهازها واستثمارها والمبادرة إليها، وأن تعمل على اكتشاف واستغلال الفرص التي قد تظهر في المستقبل بشكل مفيد وبناء، مع التفكير بعقلانية حيال الظروف المحيطة وتحليلها بعمق للتعرف على الفرص المحتملة، مع إدراك أن انتهاز الفرص واغتنامها أساسه الاستعداد والتهيؤ وعدم إغفال أن البحث عن الفرص في كل موضع ومجال وعمل وميدان فيه شعور عميق بالراحة وتحقيق للذات فوق ما فيه من كسب ونفع وإحراز للنجاح.لكل إنسان في هذه الحياة أحلامه وتصوراته ورغباته وطموحاته التي يرنو ويديم النظر إليها ويعمل من أجل إتمامها وإنجازها وتحقيقها.ويتفاوت بنو البشر في ذلك كثيرا ويختلفون ويتباينون بشكل واضح؛ فتجد بعضهم يعمل بجد واهتمام وعناية واجتهاد على إيجاد تلك الفرص مستخدما كل الوسائل المتاحة ومستغلا جميع الأسباب المتوفرة، ومستثمرا كل الأوقات المناسبة لذلك بينما البعض الآخر يفضل البقاء في مكانه والمكوث فيه والاستمرار كما هو، وإلقاء اللوم والانتقاد على واقعه منتظرا تلك الفرص لكي تأتيه على طبق من ذهب وكلما لاحت له بوادر فرص بالظهور وبدأت بالبروز قرر أن يتخلى عنها وتركها، أو توقف نتيجة حيرة في اغتنامها وتردد في انتهازها بحجة أنها لا تتوافق مع أحلامه ولا تلاءم طموحاته ولا تناسب رغباته.في الحقيقة، إنه لا يوجد وقت معين أو حين محدد للبدء في بلوغ الأماني وإدراك التطلعات وتحقيق الأحلام، وكما يقال «العمر مجرد رقم» فلا يثبطك ذاك الرقم ولو بلغت من العمر عتيا؛ فمقولة إن قطار العمر قد فات غير دقيقة في كثير من الأحوال، والطموح والرغبة في النجاح أو في تجاوز ما هو عادي ومألوف يمكن أن تكون هي المحرك الأساسي لتحقيق النجاح؛ فإن كنت تشعر أن الوقت قد فات ولم يكن بالإمكان اغتنامه والاستفادة منه والظفر بالمراد والحصول على نتيجة موفقة؛ فتذكر أن كل يوم هو أمل جديد وفرصة غير التي كانت قبلها وصفحة بيضاء للبدء فما مضى قد مضى وانقضى؛ فلا تدع أي شيء يكون حاجزا أمام تحقيق طموحاتك أو عائقا أمام الوصول إلى تطلعاتك أو مانعا من إدراك أهدافك؛ فالحياة مليئة بالفرص وفيها الكثير من الأوقات المناسبة للقيام بالأعمال، وأنت لديك طاقة للوصول إلى أهدافك واستطاعة لإنجاز رغباتك وقدرة على تحقيق ما تريد؛ فإذا كان لديك ميل واع إلى غاية معينة أو سعي لتحقيق هدف معين؛ فلا تنتظر ولا تتوقف ولا تحجم بل ابدأ اليوم.