الرأي

العالم يركض بشكل مخيف

فهيد العديم
سمة العالم اليوم أنه يركض، ونحن جزء من هذا العالم نمارس الركض دون أن نعلم في معظم الأحيان لماذا نركض، أو إلى أين نحن متجهون، أصبحت الوجبات سريعة، والقراءة سريعة، وعلاقتنا سريعة، ومشاويرنا - رغم أنف شوارعنا - سريعة، نشعر دوما أننا متعبون ومشغولون رغم أننا لم نعمل شيئا، أعلم أن هذه المقدمة قد تصنف على أنها كبسولة (طاقة سلبية)، لكنني أحاول أن أفكك استعجال هذا العالم، أو حتى أهمس: يا صديقي العالم أنت متجه للطريق المنحدرة، ولأنك ثقيل جدا، و»فراملك» لن تجدي لكبح شهوة الركض، فإنني أخشى عليك من أن ترتطم بالجدار الذي تتجه نحوه بتهور وجنون!كنت أنظر لهذا العالم على أنه شيخ وقور يمشي بتؤدة وسكينة، وحتى عندما يؤدب فإنه يتصرف بأبوية لافتة لا يقسو ولا يعنف، يعرف أن الشعور بالخجل أهم بكثير من الشعور بالألم، «وكنت أظن.. وخاب ظني» عندما أصبح طائشا متهورا، ولهذا أتساءل من منا تأثر بالآخر، فقديما كان الناس عندما يرون طائشا لا يكترثون، فقط يرددون: دعه سيؤدبه الزمن، أما اليوم فنحن نحاول أن ننبه الزمن بأن يكون أكثر تعقلا، نحاول أن نجد طريقة تتناسب مع طيشه، بل ومع حركاته الطفولية أحيانا!لهذا نحن نركض على الحافة دوما، أو بشكل أدق يركض بنا، لهذا حتى عندما نستيقظ من نومنا نشعر بهذا الإرهاق السرمدي، ويراودنا شعور أن ننزل من قطار العالم في أقرب محطة، المشكلة أنه لا ينوي التوقف، ونحن لا نجيد القفز، والعالم رغم طيشه لا يملك الجرأة أن يرمينا خارج مداره، فنحن أسرى ولكن بطريقة عجيبة، طريقة لا يمكن فهمها، أو تخمينها، المشكلة أننا جميعا ننتقد الظواهر التي نعتبرها جديدة وغير مألوفة، كلنا ننتقدها، ولكننا لم نسأل أنفسنا: إذن من الذي يمارسها حتى أصبحت ظاهرة؟، هكذا تأتي الأسئلة مفاجئة وساخرة متحدية قدرتنا على الإجابة، والإجابة دائما تأتي صدى، أو ردة فعل تكون أكثر ارتباكا كلما كان السؤال أكثر سخرية، والسؤال الساخر عادة لا يبحث عن الإجابة بقدر ما يعريها، رغم أننا أبناء الحكايات التي تأتي غالبا إجابة على سؤال لم يطرح في الوقت المناسب، أو كان من المفترض أن يطرح وصحا متأخرا بعد أن غادرت الأجوبة منازلها القديمة، فأتى كمومياء حزينة! أو أسئلة تأتي طويلة، فالسؤال الطويل يتكلس ويأخذ – دون أن يشعر – صفات الإجابة، يفقد رشاقته وقدرته على المناورة في أقل الكلمات ألما، ويبدو أكثر أدبا مما ينبغي!