الرأي

شيابنا لا ينقصهم التحفيز

شاهر النهاري
في مقال الزميل نجيب اليماني «قلب أخضر وعمر ذوى وزواج تم» عكاظ 10 يونيو 2024 استفاض في وصف زواج قطب الإعلام اليهودي روبرت مردوخ 93 سنة على عروسه إيلينا جوكوفا البالغة من العمر 67 سنة، وبطريقة تسخير الآيات والأحاديث لزيادة تحفيز شيبان المسلمين على الزواج، ولو لم يتبق من العمر إلا ساعات، وبصرف النظر عن الأضرار الواقعة على العريس المتصابي وقرينته منكودة الحظ وأسرة سقط في أيديها!مفارقة ومقارنة تنحر العلاقات الأسرية بدلالاتها ومعطياتها ونواياها وتأثيراتها المختلفة، فمردوخ لم يكن هاجسه النكاح، ولا تجديد شبابه مع مراهقة من سن حفيداته.في الغرب لديهم نظام الصداقة والمساكنة، فلا يقدمون على الزواج إلا بعد ضمان الرغبة والقبول والعهد والشروط القانونية!؟وهذا مناهض في القصد والأثر عما يتم بيننا من عمليات بيع وشراء سريعة يعاند فيها شيابنا منطقية الحياة، وتتضرر تركيبة الأسر بنزوة عريس متصاب يحسب متعته بقيمة المهر، ولو طالبت الزوجة المتضررة الخلع، أو شككت في حالة الكهل الصحية، فستعيد المهر بكامله، وهذا يحدث حتى في أفضل الأسر.الصورتان تختلفان يا نجيب، ومردوخ وعروسه الكهلة، قررا جاهزيتهما للارتقاء لمرحلة مشاركة حياتية فعلية، ومصير قرب نفسي تكافلي، يقفلان فيه على أسرارهما الطويلة بابا واحدا، وليكملا نقش الذكريات المفتقدة والمؤانسة والتشارك، فلا يكون النكاح هو الغاية، وهذا عكس نكاح الفياجرا، والمقاطع الإباحية، والمضخات ومشاعر خداع كاذبة باللحظة.مجرد المقارنة تعتبر منتهى الشناعة، فمردوخ إعلامي منفتح على الصحافة، عكس ما يحدث في حالات أنكحة غير متكافئة بيننا تحاك في الظلمة، وضحكات نميمة تشيع، وإنتاج الأيتام بالنزوات، ونكت عادل إمام عن العجز تستعاد.دعوتك أخي نجيب للشياب مستعينا بأقوال السلف بضرورة التمتع بالطيبات والتجدد قاتلة إن لم تكن مدروسة مشروطة، غفلت فيها عن تحذيرات صحية، وحماية حيوات بنات صغار، وحكايات قهر وخلافات، ووجع وحزن وتحطيم بنى الأسر، وصداع يتجدد برأس عروس تستعد لتكون أرملة سوداء.هل سمعنا في عالمنا العربي من تزوج بأواخر عمره عجوزا كان يحبها منذ مراهقته، وقرر جمع الشمل بعد أن فرقتهما الظروف، حيث انتهيا من مشاغل حياتيهما الأولى، ثم استحسنا إنعاش وتعويض حكاية حبهما العذري القديم؟هذا لا يحدث عندنا إلا نادرا، فالشيبان حالمون غالبا يعاندون الواقع، ويريدون تجديد شبابهم بالبكر، ويكون هدفهم جنسيا بالغالب، والشماتة تثني عن ذلك، وهذا دمار أي علاقة متأخرة.يحتاج ممرضا أو مرافقا شخصيا، فلماذا لا يوظف متخصص يدرك ظروفه ويستطيع مساعدته؟يحتاج لزوجة فعلية، فلماذا لا يختار مطلقة أو ممن فاتهن قطار الزواج بكامل الوعي والمعرفة، والشروط؟زماننا لم يعد يقبل العيش بالتحفيز، ولا توريط العروس، تساهر أوجاعه، وتذكره بأدويته ولقمته، وتعمل له بالسخرة، لتظهر أمام المجتمع بصورة الزوجة السعيدة تتقلب في النعيم، وهي تدفن شهواتها، وتموت في يومها وليلها مئات المرات.الاختلاف بين من يريد إحياء صداقة قديمة، وبين من يريد الشعور الواهم بأنه ما زال وحشا كاسرا، يروض اللبوات، وحتى لو نام قرير العين، وعينها ذات الكدمة السوداء تدمع، أو حافظ على قيمتها وجعلها تكملة لهيبة شيبته يلتقيها كل أربعة أيام، بينما تتمنى انزلاق قدمه للقبر سريعا لتتلاحق شم أنفاس حياتها الضائعة.shaheralnahari@