الرأي

«الخلايا الجذعية» والتجربة اليتيمة

عبدالمعين عيد الأغا
يقول الخبر الذي تداولته جميع القنوات المرئية والمسموعة والمقروءة ومنصات التواصل الاجتماعي قبل أيام «أعلن باحثون في الصين عن إنجاز جديد، حيث شفى رجل يبلغ من العمر 59 عاما من مرض السكر من خلال العلاج بالخلايا الجذعية، فقد خضع المريض لعملية زرع خلايا مبتكرة في عام 2021 يتضمن هذا الإجراء التجريبي إنشاء نسخة صناعية من الخلايا المنتجة للأنسولين الموجودة في البنكرياس، والتي تساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم، إذ كان المريض يعاني من السكري النوع الثاني لمدة 25 عاما وفقد تقريبا جميع وظائف الخلايا وكان معرضا لخطر كبير للإصابة بمضاعفات خطيرة، ما يتطلب حقن الأنسولين يوميا لتجنب غيبوبة السكر».الواقع أن موضوع الخلايا الجذعية في علاج مرضى السكري ما زال إلى الآن رهن التجارب الفردية ولم تأخذ الشمولية على عدة مرضى، فسبق أن تم الإعلان عن عدة تجارب فردية في مختلف دول العالم، ولكنها ظلت دون الإعلان النهائي الذي يتضمن موافقة عدة جهات صحية، فموضوع السكري ما زال منذ اكتشاف الأنسولين قبل قرن كامل يشغل علماء الطب والباحثين، وطوال هذه السنوات شهد مجال السكري تحركات قوية في جانب التقنيات التي ساعدت في إدارة والتحكم في المرض، ولكن بالنسبة لموضوع الخلايا الجذعية فما زال يكتنفه الكثير من الغموض إلى الآن.للأسف استغلت بعض المراكز الخارجية التي تعمل في الخفاء موضوع الخلايا الجذعية للتربح التجاري وبدأت تروج عنه في مختلف الوسائل الإعلامية، وبالفعل وقع معظم المرضى في مختلف الدول ضحايا (ماديا وصحيا ونفسيا) وعادوا إلى نقطة الصفر مجددا من خلال العلاج بالأنسولين.التجربة اليتيمة على مريض واحد فقط (في الصين) لا يمكن الحكم عليها بصورتها النهائية، فذلك يحتاج إلى تجارب ودراسات سريرية على مستوى أكبر من المرضى، فالهدف من العلاج بالخلايا الجذعية هو تحفيز خلايا البنكرياس على إفراز الأنسولين بالشكل الطبيعي، ودون الحاجة إلى تعاطي الأنسولين كما هو حال المرضى الآن.حتى هذه اللحظة ما زال موضوع الخلايا الجذعية في جانب مرض السكري يواجه الكثير من التحديات - كما أشرت - ومنها رفض جهاز المناعة للخلايا المزروعة، وفشل الخلايا في الاندماج على نحو صحيح مع أنسجة الجسم، وضمان استمرار قدرة هذه الخلايا في إنتاج الأنسولين على المدى الطويل، فتجربة واحدة لا تكفي نهائيا أمام الملايين من المرضى الذين يعانون من داء السكري.لكن بجانب كل ما سبق فإن الأبحاث المتعلقة بالخلايا الجذعية لعلاج السكري تعطي آمالا كبيرة، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من الجهد المتعلق بالتجارب السريرية على المرضى الذي يتوجب بذله قبل تحقيقها، فهناك معوقات عديدة لا بد من التغلب عليها أولا، ومع أنها كبيرة وصعبة إلا أنها ليست مستحيلة فكل شيء وارد بأمر الله سبحانه وتعالى.ومنذ 63 عاما قام البروفيسور جيمس طومسون بتنمية الخطوط الأولية من الخلايا الجذعية لأول مرة، ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن يواصل العلماء في بذل الجهود الكبيرة لإنجاح تجارب زراعة هذه الخلايا داخل الجسم البشري، ومع ذلك من المحتمل - بإذن الله - أن يتغلب العلماء على هذه المعضلات نهائيا خلال المستقبل القريب.أخيرا.. أنبه جميع مرضى السكري بعدم التفاعل مع أي جهات خارجية في بعض الدول التي تروج عن الخلايا الجذعية في مواقع التواصل الاجتماعي وتعمل في الخفاء وتدعوهم إلى زراعة الخلايا الجذعية لإنهاء معاناتهم مع المرض من خلال إغراءات وتخفيضات مالية فهذه الجهات المجهولة هدفها استغلال المرضى من كل الجوانب، والأولى على المرضى مراجعة الأطباء المعالجين والجهات الصحية الرسمية في حال وجود أي استفسارات مرتبطة بمرضهم وبموضوع الخلايا الجذعية.