الرأي

نظام الأحوال الشخصية.. هل أثر في خصوصية عقد الزواج؟

تركي القحطاني
يتزايد الوعي بأهمية القوانين والأنظمة في عالمنا المعاصر، وليست قوانين تنظيم العلاقات الشخصية التي تحكم الحياة الزوجية باستثناء، فسير سياسات المملكة وتوجهها نحو إصدار منظومة تشريعات متخصصة نتج عنها نظام الأحوال الشخصية الذي قنن بين مواده العديد من الأحكام والشروط والواجبات في عقد الزواج ليمثل النظام نقلة نوعية في فهم المجتمع لطبيعة عقد الزواج.إن التحدي الذي يقف بوجه الأنظمة التي تتناول الحياة اليومية لأفراد المجتمع وعلاقاتهم ببعض هو كونها تمس جوانب نفسية حساسة لدى أفرادها، وأنها قد تواجه أعرافا ومنظورات تفسيرية قديمة اعتمد عليها المجتمع في تسيير عقود الزواج قبل تقنين أحكامه وواجباته وفق منظومة تشريعات قانونية كما هو المنهاج الذي تسير عليه سياسة المملكة في الوقت الحالي.تتعدد المسؤوليات المفروضة على الطرفين في عقد الزواج، وأبرزها النظام في عدة نقاط ،حيث أوجد توازنا بين الحقوق والواجبات: المسؤوليات المالية، الرعاية والواجبات العاطفية، ومسؤوليات رعاية الأطفال، إن فهم أفراد المجتمع لهذه المسؤوليات والاطلاع على نصوص النظام التي تناولتها مهم لعدة أسباب؛ تغيير النظرة التقليدية لأنظمة الأحوال الشخصية ورؤية فحواها كوسيلة لحماية العلاقات الزوجية والأسرية، التوازن العاطفي والمالي من خلال فهم الفرد لواجباته وحقوقه، وبالتالي تحقيق استقرار الأسرة.متى ينبغي على الفرد اللجوء للتثقيف القانوني بمسائل الأحوال الشخصية؟ يلجأ البعض للأنظمة بعد مواجهة صراعات أسرية عديدة كحل أخير لإنهاء عقد الزواج، بينما يسهم الوعي المبكر من فترة الخطوبة وحتى الزواج في الفهم المسبق للحقوق والواجبات وبناء علاقة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل، فبمعرفة الالتزامات المالية على الأطراف وحقوقهم في تلقي الرعاية وغيرها من الأمور التي تناولها النظام، قد يسهم في في حماية الأسرة واستقرارها من كوارث لا تحمد عقباها.ومن المآخذ التقليدية على أنظمة الأحوال الشخصية هو مساسه بأمور ظلت لفترة طويلة تحمل وصمات اجتماعية مثل الطلاق، إلا أن التقنين أسهم بالنظر للطلاق بواقعية كحل أخير لإنهاء العلاقة الزوجية بأقل الأضرار، ومواجهة مسألة فشل هذه المؤسسة بعيدا عن الخوف واللوم المجتمعي.يصبح الطلاق ضرورة عندما تكون الحياة الزوجية مليئة بالنزاعات المستمرة أو العنف الأسري، مما يجعل الاستمرار في العلاقة مستحيلا، في هذه الحالات، يكون الطلاق وسيلة لحماية الصحة النفسية والجسدية لجميع الأطراف المعنية، وخاصة الأطفال، إن الفهم العميق لغرض القوانين التي تحمي حقوق الطرفين في حالة الطلاق يمكن أن يساهم في اتخاذ قرارات مدروسة ومنصفة.وميز النظام بين حالات إنهاء عقد الزواج، فالفسخ هو إنهاء عقد الزواج بقرار قضائي بسبب عيوب أو مشاكل شرعية تجعل استمرار الزواج مستحيل، أما الخلع فهو حق الزوجة في إنهاء الزواج بمقابل مادي تدفعه للزوج، ويعتبر وسيلة قانونية تمكن المرأة من الانفصال عن زوجها إذا شعرت بعدم القدرة على الاستمرار، كما فصل النظام في القوانين المتعلقة بالحضانة ووضع ضمان مصلحة الطفل كغاية عظمى تصبو لها تشريعاته، حيث إن المعرفة التامة بالنظام يمنع الزوجين من اتخاذ قرارات تمس الطفل وتجعله وسيلة ابتزاز أو طرف في نزاعات أبويه.وللإجابة على السؤال، هل أثر النظام على خصوصية عقد الزواج؟ فأصبح واضحا أن فهم نظام الأحوال الشخصية والالتزام بما ورد فيه من تفصيلات جزء أساسي من بناء علاقة زوجية ناجحة ومستدامة، والأسرة جزء يسهم استقرارها في استقرار المجتمع ككل، فالتثقيف والوعي القانوني يلعبان دورا حاسما في تحقيق هذا الهدف، ويضمنان حماية حقوق جميع الأطراف المعنية، فمن خلال فهم أعمق للقوانين والأنظمة، يمكن للأزواج أن يبنوا حياة مشتركة قائمة على الاحترام والثقة والتفاهم.t_alqahtani9@