الرأي

احترام المحامي لعملائه

عبدالله قاسم العنزي
الناس بفطرتهم يحتاجون حاجة ماسة إلى من يعتني بهم ويقدرهم ويحفزهم ويهتم بهم، ومن ذلك لا تتوسع دائرة علاقات المحامي مع الآخرين إذا بدأ يخاطبهم بأسلوب، وإن كانت متفاوتة ومن شخص لآخر، إلا أنه يجب أن يكون الأسلوب نفسه الذي يحب المحامي الآخرين أن يخاطبوه به!حينما يبدأ المحامي بإلقاء السلام على من يعرف ومن لا يعرف ويتبسم في وجوه الآخرين ويسأل عن حالهم ويتعاطف مع قضاياهم ويسارع في مساعدتهم بمصداقية فإن ما سبق يدل على شخصية نبيلة محترمة.أنا من الذين يحسبون أن المصداقية والصدق يجب أن يكون هو الانطباع الأول الذي ترسمه في أعين الآخرين ويأتي ذلك عندما يحاول إقناعهم هو أن يكون حديثه بعيدا عن أهوائه الشخصية، فعندما ندرك أن المحامي لا يرغب في أن يحقق أهدافا شخصية بحتة من خلال إقناع الآخرين بما يريده، فسينال بذلك ثقتهم ويكون صادقا في حديثه وتعامله معهم.ببساطة لو تحدث المحامي عن الجوانب السلبية في شخصيته دون ابتذال واستنقاص إنما يتحدث من قبيل ماذا استفاد من بعض السلبيات ثم ينتقل عقب ذلك إلى الجوانب الإيجابية، وهنا يحدث الاقتناع والترابط بين العميل والمحامي وهو ما يسمى بالثقة.إن تقبل الآخر واحترامه يجعل منه ليس مجرد عميل بل صديق حميم وخاص.! وقبولك لعملائك على مختلف ثقافاتهم وجنسياتهم وقصورهم يصنع أساسا متينا من العلاقة القوية والمبنية على الاحترام والتقدير.إن القاعدة الذهبية في ذلك أن يركز المحامي على جوانب الآخرين الإيجابية ويغض عن عيوبهم، فلكل منا له محاسن ومساوئ، ولنا إيجابيات وسلبيات ونبي الله لوط لم يكره قومه بل كره عملهم فقال لهم «إني لعملكم من القالين».أكبر الظن عندي أن مظهر المحامي الحسن بلباس يليق بطبيعة المهنة وكرامتها ونظراته التي تعكس شخصيته ونبرات صوته الواضحة البليغة والقوية ومصافحته دوما للأشخاص بشكل ينم عن الود والتواضع وقوة الشخصية واستماع المحامي إصغائه الجيد للآخرين وتفهمه لقولهم وطلباتهم يعد لب وجوهر الاحترام للآخرين.اعتقد أن هناك عدة سمات يجب على المحامي مراعاتها من الناحية المهنية في توكيله ودفاعه عن الآخرين من أن يكون هو المسؤول الأول عن حل المشكلة ما أمكن، ما لم تصطدم قضية موكلة بجدار القانون، فإن كان هنا قدرة وإمكانية على تجنب الوقوع تحت حكم نصوص قانونية تعقد الموضوع فإنه المسؤول الأول، ولا يحق له إلقاء اللوم على الآخرين أيا كانوا، موكل أو شركاء ونحوهم، وهذه هي عين المسؤولية ورباطة الجأش، وسأسرد بعض التصرفات التي يجب أن يراعيها المحامي في تعامله مع عملائه ليبني قاعدة من الاحترام والتقدير ثم يبدع في صناعة الثقة بين الطرفين وهي على النحو التالي:أولا: يجب على المحامي أن ينظر إلى الآخرين بإمعان، وأن يعتدل في جلسته على الكرسي في مكتبه، وأن يضع يديه على ركبتيه، فهذا السلوك يظهر احترامه للطرف الآخر.ثانيا: يجب على المحامي مهما كانت ظروف القضية أن يهدئ من انفعالاته وأن يعتدل في وقفته أمام عملائه ولا يبدو متبرما أو قلقا أو أن يتحرك حركات عشوائية تدل على التوتر والقلق، وأن يخرج بألفاظ لا تليق مع العملاء بحجة أنه متوتر، وأنهم سبب في وصول القضية إلى هذا المستوى ومثل هذا السلوك ليس له مبرر ولا يعد من قبيل الاحترام.ثالثا: يجب على المحامي أن يتحدث بطريقة الإثبات في اللغة وأن يستخدم كلمات تتصل بما يتوقع حدوثه، ويجب التحدث بطريقة التأكيد من خلال وصف الذات والمعتقدات والإنجازات الشخصية على نحو إيجابي صادق.رابعا: يجب على المحامي أن يتحدث على نحو قاطع من خلال التمتع بالوضوح بالقول وعدم الإسراف في استخدام الكلمات والتحدث بلغة متكاملة وتجنب العبارات التي تدخل في النفوس الريبة.ختاما، الاحترام قيمة إنسانية عامة اهتمت بها البشرية واستشاري الموارد البشرية وعلماء النفس والاجتماع وأعطوها مكانة كبيرة، حيث إنها هي الرابطة الأساسية لغالب العلاقات وسبب لاستمراريتها، لذا كان من الواجب علينا جميعا تعلم فن احترام الآخرين.expert_55@