تكسير المجاديف
الأربعاء / 14 / ذو القعدة / 1445 هـ - 23:33 - الأربعاء 22 مايو 2024 23:33
قابلته وكان يحمل آمالا عريضة وغير محدودة ويمتلك مواهب عديدة؛ فلديه أفكار متجددة وقدرات إبداعية ويستطيع أن يتعلم كيف يستفيد منها وقد يصل إلى اكتشافه طرقا أسرع لتحقيق أهدافه والتركيز بشكل مباشر على المقصود من وراء الأعمال والمهام التي يرغب القيام بها مما أثر على إدراك مسؤولياته وفهم الأمور فهما كاملا وبالتالي في قدرته على الابتكار والإبداع وإجادته وتميزه في عمله ولكن ما لبث أن تضاءل كل ذلك وقل ونضب ولسان حاله يقول: «ضيعت نفسي» وبدا وكأنه قد مر بضوائق وأزمات وكبوات ولم يكن قادرا على اجتيازها وقلت قدرته على العمل وانحسرت استطاعته على الإنتاج وتضاءلت طاقته على الإنجاز وانحدرت حياته وتدهورت عيشته وانقلبت أحواله رأسا على عقب وتفاقمت الأمور لديه وتردت.استشفيت أن هنالك أسبابا عديدة واستنتجت وجود عوامل كثيرة لكل ما حدث له وأن ثمة عقبات وصعوبات وعوائق أعاقت كل ما تم إنجازه وعرقلت كل ما قام بتحقيقه بنجاح وتجارب مر بها وانتقادات لا تثمر عن أي فائدة أي «تكسير مجاديف» يصدر عن أعداء النجاح الذين يتصفون بالانهزامية والفشل والسلبية والعدائية ويظهرون العيوب دون المحاسن ويحقدون على كل ناجح وينقمون على كل مبدع ويقفون باستهتار ولا مبالاة وعدم اكتراث أمام كل تفوق ويكمن غضبهم واغتياظهم وسخطهم في رؤية تناجح الأحلام وتتابعها وإدراك الغايات وتزايدها؛ فيحاولون تدمير أصحابها وتحطيمهم وتكمن متعتهم وشعورهم العميق براحة الإحساسات في إبادة كل آمال غيرهم وسحق جميع أمنياتهم ومحو كل تطلعاتهم.لا شك أن الإنسان قد لا يقدر وقد لا يتمكن من إبعاد المحبطين من حوله الذين يضطلعون بمهمة تكسير المجاديف وإضعاف الروح المعنوية وترسيخ روح الهزيمة والإحباط في الآخرين والشعور بالدونية والنقص وفقدان الثقة بالنفس ولكن قد تكون لديه القدرة على أن يتخطاهم رغم أنهم يتزايدون كلما أحرز الإنسان تقدما أو خطا خطوة ولو صغيرة نحو التقدم أو سار مسافة ولو قصيرة نحو التميز؛ فكلما تقدم أو دنا من تحقيق نجاحات وشارف على الوصول إليها تزايدت المحاولات وتعددت وتكاثرت لتكسير مجاديف قاربه وتحطيمها وإتلافها وتخريبها.في الحقيقة لكي يعيش الإنسان في هدوء وراحة بال مبتعدا عن كل مصدر قد يعكر حياته وينغص عيشه عليه أن يجيد فن التجاهل بإتقان وبراعة واحتراف وهو أسلوب بسيط لكن تأثيره فعال للغاية ويعتبر أداة قوية في الحفاظ على السلامة النفسية والعلاقات الاجتماعية وقد يساعد على الهدوء في الحياة اليومية وتجنب الصراعات وتفادي الخلافات وتلافي الخصومات؛ فعليه ألا يأذن لأي مخلوق أن يثبطه أو يعيقه أو يحبطه وأن يتجاهل كل تصرف وكأنه لم يكن وأن يحذر أولئك المنكودين البائسين المنغصين حتى لا تنتقل إليه عدواهم وألا ينسى أن الثقة بالنفس تعد سمة نادرة وصفة نفيسة يتطلب تحقيقها أن يحيط إحاطة كاملة بماهيتها حيث سيصبح لديه قدرة وتمكن واستطاعة وكفاءة على تطويرها والرفع من مستواها وأن يستردها كلما تلاشت وأن يستعيدها كلما نفدت وألا يتعامل معها كمزية ينالها وصفة يكتسبها فحسب بل كعملية حيوية تقبل بشكل دائم التغيير إلى ما هو أجود والتعديل إلى ما هو أنسب والتحسين إلى ما هو أفضل.