الرأي

حماية الإرث الثقافي.. رؤية حقوقية

عبدالله قاسم العنزي
الكذب منذ عصور قديمة أشغل الفلاسفة؛ لأنه رذيلة سواء ما يطلق عليه الكذب الأبيض بغرض المزاح أو الكذب الثقيل الذي يؤثر في تاريخ الناس وإرثهم وثقافتهم، وقد بلينا اليوم بأنصاف المتعلمين الذين يسعون بكل جهد في أن تروى لهم قصص، ويريدون الخروج لحظات إلى عالم الشهرة وعلى حساب من؟.. على حساب تاريخ قبيلة أو موروث سعودي أو تاريخ جماعة من الناس.!!لا يضيرني ما يسمى بالكذب الأبيض والذي لا أبالغ إن سميته الكذب الساذج، ولكني وجدت المصيبة بالكذب في التاريخ الإنساني وقلبه رأسا على عقب أو استجرار حوادث ووقائع ليس لها ارتباط بموروث أو عادات أو تقاليد من الأساس، وكلها نقولات من كتب المستشرقين الذين بعضهم زيف تاريخ الجزيرة العربية للأسف.إن غالب من يتكلم بالتاريخ بعد قراءة كتاب أو كتابين لمستشرقين، أو تجميع (هرابيد) من مواقع الشبكة العنكبوتية والذي لو سألته عن جده الخامس: ما هي أوصافه؟ لما استطاع أو تلعثم ولحاول أن يروغ بالموضوع إلى حديث آخر.من وجهة نظري إن الأمر خطير جدا، لقد تهافت الكثير من أنصاف المتعلمين ومجمعي الـ(هرابيد) وسبكها في ورق بين دفتي كتاب ثم طباعتها بالخارج بعيدا عن عين الرقيب ولمصر الحظ الكبير في مثل هذا الموضوع ثم إدخالها بطريقة غير مشروعة إلى المملكة العربية السعودية، إلا أن عين الرقيب لدينا في – السعودية – (مفتحه كويس) ودارة الملك عبدالعزيز لديها شروط صارمة فيما يخص التاريخ والموروث ونحوه.يسألني أحد الأصدقاء ما وجهة نظر القانون تجاه هؤلاء؟ قلت له هذه جريمة تمس النظام العام خصوصا إذا كانت مليئة بأكاذيب مأخوذة من مراجع غير موثوقة، وبمجرد رفع شكوى على صاحب الكتاب عن طريق موقع اللجان المختصة بالنظر في مخالفات أحكام نظام المطبوعات والنشر يسحب الشخص ويحقق معه ويسحب كتابه من السوق المحلية ويصادر دون تعويض ويعاقب بغرامة مالية.واتصل به شخص يقول: إن قريبا له ألف كتابا على نحو ما ذكرنا وأوهم بالتاريخ وبعض الوقائع فقلت له الأمر – جدا بسيط – ولا يأخذ منك سوى ضغطة زر وتقام دعوى يسحب ويحقق معه وينال جزاءه وتطاوله على التاريخ والتحريف فيه.إن أنصاف المتعلمين أشد خطرا من الجهلة؛ لأن الجاهل يعرف نفسه ويحترم حدوده، ولكن أنصاف المتعلمين هم المتطفلون على كل فن ويحاولون أن يزاحموا (النخبة)، وهذا حق لمن كان له حظ من الاجتهادن لكن العلم لو كان سهلا لأصبح القاصي والداني متعلما! بل العلم يحتاج إلى بذل وقت ومال وسهر وتعب حتى تكون شخصا متعلما يميز ويفرق الخطأ من الصواب وتنفع الناس بعلمك وتكون عندك ملكة علمية.إن معظم المشكلات من أنصاف المتعلمين؛ لأن المتعلم يمتلك الأدوات العلمية وباستطاعته أن يصنع لك فلكا تبحر فيه نحو مرفأ الأمان، أما أنصاف المتعلمين فإن لديهم القدرة على صناعة سفينة لك لكي تغرق فيها في منتصف البحر، فالعلم بحر متلاطم لا ساحل له، ولا يدخله إلا السباح الماهر حتى يغوص في ظلماته ولجيته ويستخرج حلية تنتفع بها الناس.expert_55@