الرأي

صمود المدن لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري

وليد الزامل
الاحتباس الحراري هو ظاهرة زيادة درجات الحرارة في العالم عن الدرجات المعتادة نتيجة زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان وبعض الغازات الأخرى.زيادة درجة حرارة الأرض لها آثار سلبية تؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه وتغير في كمية هطول الأمطار وانحسار الجليد والأراضي الزراعية.بعبارة أخرى، يؤدي الاحتباس الحراري إلى آثار سلبية تهدد الوجود البشري.المتتبع لتاريخ التغير المناخي في الأرض يجد أن عوامل هذا التغير يأتي نتيجة الظواهر الطبيعية.ومع ذلك، فالمؤثرات البشرية تلعب دورا هاما في التغير المناخي بما في ذلك استخدام الطرق التقليدية للتخلص من النفايات، وسيطرة النشاط الصناعي، وحرق الوقود الأحفوري، والزحف العمراني على الغابات.تسهم هذه النشاطات البشرية مجتمعة في زيادة إنتاج الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.ويؤدي تراكم الغازات الدفيئة إلى حجب بعض الحرارة المشعة من الأرض، مما يؤثر سلبا على النباتات ويزيد من معدلات التلوث واحتمالية الكوارث البيئية.إن ظاهرة الاحتباس الحراري ليست قضية بيئية فحسب؛ بل هي متعلقة بالعدالة بين الدول الصناعية والنامية.وعلى الرغم أن الدول الصناعية مسؤولة عن تلويث البيئة بشكل أكبر من الدول النامية إلا أن القيود والاشتراطات البيئة غالبا ما تكون أشد تجاه الدول النامية وهو ما يمكن وصفة أحيانا بظاهرة «النفاق البيئي».إن الحق في التنمية متاح للجميع وهو لا يعني المساواة في تلويث البيئية ولا يعني أيضا المساواة في القيود البيئة، فالعدالة لا تقتضي بالضرورة المساواة.التعاون الدولي العادل يساعد في توفير التدابير اللازمة لحماية البيئة ووضع السياسات الدولية لمواجهة التغير المناخي وانبعاثات الغازات الدفيئة وحماية الغلاف الجوي باعتباره مورد مشترك للجميع.على أي حال، نحن نعيش في كوكب واحد فلو تأثر أي جزء من كوكبنا سوف يؤثر سلبيا على الجميع.على المستوى المحلي، بدأت جهود مواجهة التغيرات المناخية مع ظهور الرؤية الوطنية 2030 في عام 2016.وقد أكدت الرؤية الوطنية 2030 على ثلاث ركائز مهمة تشكل إطارا للتنمية المستدامة: مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح.لقد وضعت الرؤية الوطنية 2030 مجموعة من المبادرات في مجال حماية البيئة وتنمية المدن بما يتوافق مع أهداف التنمية الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وخاصة الهدف رقم 13 الذي ينص على «اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره».وضع هذا الهدف مجموعة من التدابير لمواجهة التغير المناخي لعل أبرزها تعزيز القدرة على الصمود والقدرة على التكيف مع المخاطر المرتبطة بالمناخ والكوارث الطبيعية في جميع البلدان ودمج تدابير تغير المناخ في السياسات واستراتيجيات التخطيط.تبنت السعودية عدد من المبادرات البيئة في إطار بناء اقتصاد آخر يحافظ على مبادئ التنمية المستدامة مثل «الشرق الأوسط الأخضر»، ومبادرة «السعودية الخضراء» وأطلقت عدد من المشاريع النوعية مثل مشروع منتزه الملك سلمان، والمسار الرياضي، ومشروع المربع الجديد. ولا تزال الجهود مستمرة للتحول نحو استخدام الطاقة البديلة، وزيارة المناطق الخضراء، وإضفاء الطابع الإنساني على المدن.وأرى أن تنفيذ هذه المبادرات بكفاءة يتطلب العمل على خطة إقليمية تأخذ في الاعتبار التوازن في توزيع السكان والموارد وتراعي الخصائص والقيم النسبية لكل مدينة.ختاما، من الأهمية بمكان العمل على تحديث التشريعات العمرانية في المدن السعودية وإدماج المستهدفات الوطنية ضمن إطار الخطط الاستراتيجية للمدن بما يتناسب مع الموارد والخصائص الطبيعية والمناخية لكل مدينة وصولا إلى مدن أكثر استدامة.waleed_zm@